عبد الله سليمان الطليان
عندما تريد أن ترفع من إنتاجية أي قطاع فإنك حتمًا سوف تلجأ إلى القيام بدراسات وأبحاث لهذا القطاع على نحو دائم. وتغطي هذه الدراسة أو البحث الجوانب الأساسية كافة. ومع أن هذه الجوانب متعددة فلسنا هنا لحصرها؛ إذ تختلف من قطاع إلى آخر. هناك جانب على قدر كبير من الأهمية، ويعتبر محورًا أساسيًّا، ويكمن في الفرد أو الشخص الذي يدير هذا القطاع، وما مدى ثقافته، سواء كان في القمة أو في القاع.. التي تعتبر من أهم معوقات الإنتاج في جودته التي تكون ضمن المعايير المطلوبة المستهدفة. وهذا في الحقيقة ما يعانيه القطاع المادي لدينا. ولعل الأبرز في هذه الثقافة هو المحافظة على الوقت، واحترام نظام العمل، والحرص على التزود بالجديد، والمسؤولية ذات البُعد الوطني. والخلل يعود إلى ثقافة الفرد التي هي - بحق - المعضلة والعائق نحو الارتقاء بمستوى الإنتاج.
ثقافة الفرد وأثرها تأتي بداية من المنبع الرئيسي، وهو الأسرة التي يعيش فيها الفرد؛ فهي البيئة التي تؤثر بعمق في حياة الفرد بشكل عام؛ إذ يكتسب منذ نعومة إظفاره أنماط السلوك المختلفة.. فإذا كانت الأسرة في وضعها العملي فوضوية فحتمًا سوف تخرّج أبناء فوضويين، وإن كان الأب أو الأم على درجة رفيعة من الثقافة الجادة حتى وإن كانت تنحصر في جانب ضيق، مثل المحافظة على الوقت، فسينعكس هذا على شخصية الأبناء. ويمكن أن نلاحظ هذا عند بعض العاملين في الزراعة وإدارة الحقول الريفية.
إن قصة النجاحات لبعض الشركات العالمية التي نراها اليوم كانت قائمة على تكاتف عائلي وأسري منذ بدايته؛ لهذا لا بد من زرع بذور قيمة العمل واحترامه ووقته من داخل الأسرة على نحو سريع لملاحقة التطور الذي هو حاصل في الكثير من الدول. ولعل النمور الآسيوية خير مثال. ويمكن اختيار كيانات إنتاجية داخل البلد، ودعمها، والتركيز عليها؛ لكي تكون على درجة رفيعة من الرقي في العمل في طاقمها، ومراقبتها بشكل صارم في مجال الإنتاج للوصول إلى الاكتفاء والاعتماد على النفس، خاصة في الأمور الحيوية التي يحتاج إليها البلد بشكل ضروري.