م. بدر بن ناصر الحمدان
العنوان هو اقتباس لأحد رواد الإبداع «سكوت بيلسكي» مؤسس موقع «بيهانس» للمصممين والمبدعين الفنيين، ومن قال ذات يوم إنه «لا قيمة للأفكار إن لم تجعلها تتحقق»، الرجل الذي استطاع عام 2012م أن يبيع فكرة موقعه مقابل 150 مليون دولار لشركة «أدوبي»، فقط لأنه وشريكه «ماتياس» الذي التقى به في 2005م أوجدوا معاً فكرة إبداعية آمنوا بها ثم قاموا بتنفيذها.
يجب أن ندرك أن العالم اليوم تغير واختلف بشكل كبير، ولم يعد هناك إيمان سوى بأولئك القادرين على بناء ما يتحدثون عنه، ممن يمتلكون منهجاً وخططاً تنفيذية وحزم أعمال واضحة وجلّية تُمكنهم من إيجاد شيء على أرض الواقع، أولئك الذين يعرفون إلى أين هم ذاهبون ولديهم خارطة طريق، وإجابات عن «كيف» و»متى» و» أين» يمكنهم خلق واقع مُشاهد يوماً ما، هؤلاء هم «المميزون» بالمفهوم الحديث، ما عدا ذلك فهو رهان على التوقف في نفس المكان وربما العودة إلى الوراء.
لا مكان اليوم للأفكار «المُجَرَّدة» من كل أدوات التنفيذ، ولم يعد من المقبول أن تكون «العقول» رهينة فلسفة أو مبادئ أو معتقدات وأوهام هدفها «التنظير» واستعراض «المعرفة» والوقوف على «وتر العاطفة» دون أي مسؤولية تجاه الزمن المُهدر في الاحتفاء بها ودون نتيجة تُذكر، كمثل ما تعج به كثير من الفعاليات والمؤتمرات والندوات وورش العمل والاجتماعات واللقاءات ذات الوصايا «غير المحسوبة»، هذا النمط من الأحداث يجب أن يتوقف فوراً.
صناعة الوهم، واجترار «الأفكار الرَخويّة» أصبح من الماضي، ومن أراد أن يعي كيف يُمكن للمستقبل أن يُبنى بفكر «مُمنهج» فلينظر إلى الأسلوب الذي تنتهجه «السعودية الجديدة» في إطلاق مبادراتها ومشاريعها من خلال الإعلان عنها وتقديمها كـ «دورة حياة أعمال متكاملة»، مُرفق بها أجندة التنفيذ بكل تفاصيلها، من أين تبدأ وكيف ستنتهي، مثل هذا العمل لم يكن بمحض الصدفة، ولا ولادة لفكر آنيّ، بل نتيجة لجهد وعمل متفان ومتراكم من التخطيط والتنظيم وبناء منظومة إدارة قادرة على التنبؤ بما سيحدث غداً.
ليكن لأفكاركم «أرض خصبة» تُمكنكم من «التميز»، فلا أحد بات يستمع لما هو «مُجَرَّد».