د. محمد عبدالله الخازم
كتبت مؤخراً (27 يناير 2021م) عن آلية مقترحة لعقود أساتذة الجامعات، وأشرت إلى فكرة تصنيف أعضاء هيئة التدريس، من مبدأ أن بعضهم إنتاجيتهم البحثية ليست عالية، لذا يخشون أن يأتي من يجعل شروط التعاقد والترقية مبنية على البحث العلمي فقط، فتصنفهم الجامعات بأنهم ليسوا منتجين. هذا الأمر يمثل قلقاً ملحوظاً لدى الأساتذة السعوديين حال برزت فكرة تغيير عقود التوظيف لتكون وفق أنظمة العمل. جامعاتنا أغلب مهامها تعليمية أو تدريسية، لكن المؤسف أن التدريس لا يقدر بشكل كاف في قضية الترقيات كما يقدر البحث العلمي، ومثله العمل المهني لا يقدر كذلك وقد أوجدت بعض الجامعات الأمريكية حلاً لهذه المعضلة بتصنيف أعضاء هيئة التدريس إلى مسارات/ فئات (tracks). سبق أن شرحت ذلك وأعيده هنا، لعله يتوافق مع تغييرات التعليم العالي الراهنة. التصنيف يشمل ثلاث فئات:
1- عضو هيئة التدريس - مسار البحث العلمي. هنا يعد عضو هيئة التدريس باحثاً بالدرجة الأولى ويكون جل تقييمه على إنتاجه البحثي. على سبيل المثال تكون نسبة 60 - 70 في المائة من درجات تقييمه مبنية على إنتاجه البحثي والبقية على التدريس والعمل المهني والمجتمعي. قد نطلب منه التدريس لكن بدرجة أقل من البحث كأن يشارك في تدريس مادة. أو نطالبه بمهام مهنية (طبية مثلاً) بشكل جزئي..
2- عضو هيئة التدريس - مسار التعليم أو التدريس. هنا يكون العكس مهمة عضو هيئة التدريس الرئيسة (60 - 70 في المائة) ستكون في التدريس وتطوير المناهج وأساليب التعليم .. إلخ. مع مشاركة بحثية ومهنية قليلة. هذا الأمر سيكون مهماً لإيجاد قيمة للتدريس والالتزام به وتطوير آلياته، حيث إن هذا الأمر مهمل في جامعاتنا بشكل كبير في الوقت الراهن وما يقوم به كثير من أعضاء هيئة التدريس هو إلقاء الدروس بشكل روتيني دون حرص على التطوير فيها وفي آليات تعليمها وتدريسها وتقنياتها.
3- عضو هيئة التدريس - مسار الممارسة المهنية. هنا سيكون العمل المهني هو الأساس، كما هو الحال في المهن الطبية والإدارية، فنحن نحتاج عمل الطبيب المهني وتطويره في المجال السريري أحياناً أكثر من حاجتنا له كباحث. سيبقى مطلوباً من عضو هيئة التدريس المشاركة في التدريس، بالذات التدريب العملي المهني، والبحث لكن بدرجات أقل من عضو هيئة التدريس في المسار البحثي أو التدريسي.
هذا التصنيف سيتيح للجامعة الاستفادة من الجميع وتقدير كل عضو هيئة تدريس وفق مواهبه وقدراته ووفق احتياجات الجامعة (بالذات مع الأساتذة غير الدائمين) حيث إن الجامعة ليست مجرد بحث علمي. مع ملاحظة أننا نتوقع من عضو هيئة التدريس القيام بكافة الأدوار المطلوبة منه؛ البحث العلمي، التدريس، الخدمة المهنية والمجتمعية؛ لكن وفق صيغة تستفيد من قوته ومواهبه وفق الإيضاح أعلاه. بل ولربما أتوسع قليلاً فأشير إلى جعله مساراً عاماً لأول تعاقد لعضو هيئة التدريس الجديد (العقد الأول المقترح بثلاث سنوات) ليتاح له اختيار المسار الذي يناسبة بالتنسيق مع كليته، بعد أن يكون حصل على خبرة في مختلف المسارات وتكون اتضحت قدراته ومواهبه وحاجة الجامعة إليه.
... ... ...
المرجع:
الخازم، محمد (2018م). جامعة 2030. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون.