عبدالعزيز السماري
في الفلسفة، الموضوعية هي مفهوم الحقيقة المستقل عن الذاتية الفردية، أي التحيز الناجم عن إدراك عواطف المرء أو خياله عن شيء أو شخص ما، وتشير الموضوعية العلمية إلى القدرة على الحكم دون تحيز أو تأثير خارجي على النتيجة، وقد يتجاوز هذا الأمر إلى مختلف نواحي الحياة في الإدارة والحياة الاجتماعية.. وقد تختزل هذه العبارة كثيراً من الصراعات الإدارية التي تكاد تقتل النجاح والفكرة السديدة.
الضعف في ثوابت الحقيقة والموضوعية يجعل من الإدارة تفرض الأمر الواقع، وتشييد السياج من حولها، والذي يعتقد الإداري أنه يحمي إدارته من النقد عندما يغيب الحياد، ولهذا تفشل نماذج الإدارة المدنية في المؤسسات والشركات في العالم الثالث، لأنها تشعر بالخوف من الفشل، ولذلك تتمسك بخيار التسلط، والتحكم بالقرار.
قد يحمي المدير القوي مصالحه باختيار مساعديه من ذوي الخلفيات الضعيفة غير المنجزة، وذلك ظناً أنه يستطيع حماية مركزه، بينما ذلك غير صحيح، فالقوي الموضوعي هو ذلك الذي يختار الأشخاص من ذوي القدرات التنافسية، والذين حققوا نجاحات في حياتهم العملية، وبالتالي يستطيعون إثراء القرارات بالموضوعية، والبعد عن الذاتية والانحياز للمصالح الفردية.
فمن يملك الخبرة في معترك تخصصه وحقق النجاح هو أقرب لأن يكون خير مساعد، لكن غير الناجح والذي قد يتميز فقط بالطاعة المطلقة، وهز الرأس عندما يتلقى الأسئلة، وقد يؤدي ذلك إلى فشل المؤسسة أو البنك أو غيرها، وقد تكشف هذه الصورة المقطعية جانباً مظلماً من تاريخ الفشل الإداري الذي تعاني منه بعض الإدارات.
تعد الموضوعية أمرًا بالغ الأهمية في مكان العمل من أجل الحفاظ على ولاء الموظفين وتجنب النزاعات الأخلاقية، وتشغيل شركة ما يعني تنحية العلاقات الشخصية جانبًا، وعدم التركيز على الجوانب العاطفية التي يمكن أن تؤثر على القرار، وعلى الرغم من أن الموضوعية الكاملة قد تكون صعبة بالنسبة للمنظمات المتماسكة، يجب على المديرين السعي لاتخاذ قرارات بناءً على معلومات واضحة لا تقبل الجدل، ولا تقدم المبررات الشخصية لاتخاذ قرار سلبي.
لكي نكون منصفين للموظفين في جميع الشركات أو المؤسسات، على المديرين استخدام طرق موضوعية لتحديد الأداء في مكان العمل، بحيث توضح الأساليب الموضوعية للمدير ما إذا كان الموظف أو الموظفة تتقدم في منصبها، أم أنه لا تساهم.
عواقب الفشل تشمل العواقب التي تحدث عندما تفشل الشركة في الحفاظ على الموضوعية، وعلى سبيل المثال إذا كان لدى الموظف سبب للاعتقاد بأنه لم يحصل على ترقية بناءً على عمره أو لون بشرته، أو أفكاره، فالقانون يجب أن يكفل حق رفع دعوى قضائية في محكمة مدنية، بدعوى التمييز، ولذلك يجب شرح المعايير الموضوعية بوضوح للموظفين حتى لا تكون هناك شكوك حول دوافع المديرين.
تتطلب المرحلة إصلاح إداري من سن القوانين الملزمة، فالإدارة يجب أن تتجاوز أساليب الاستحواذ والسيطرة، وحصر المنافع في فئات داخل المؤسسة، ولو استطاعت المجتمعات في العالم الثالث وضع مثل هذه القواعد، حتماً سيكون تأثيرها إيجابياً على الإنتاجية والإنجاز.