«الجزيرة» - أحمد التلي:
مع تأكيد «نيوم» على سعيها لتحقيق الريادة في إنتاج الهيدروجين الأخضر والوقود النظيف عالمياً، مما سيجعلها الوجهة الأهم دولياً في تقديم الحلول المستدامة، إضافة إلى مواجهة تحديات التغير المناخي من خلال حلول عملية لتخفيض الانبعاثات الكربونية، أعلنت مؤخراً عن توقيع اتفاقية شراكة مع شركتي «إير بروداكتس» و»أكوا باور» بقيمة 5 مليارات دولار لبناء منشأة في منطقة نيوم لإنتاج الهيدروجين بطريقة صديقة للبيئة، وتصديره إلى السوق العالمية بغرض توفير حلول مستدامة لقطاع النقل العالمي.
ولفتت «نيوم» إلى أن المشروع سيساعد على تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 ودعم الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره بعيداً عن النفط، من خلال تصدير الفائض منه الهيدروجين الأخضر للسوق العالمي، حيث يتوقع أن تصل قيمته إلى 300 مليار دولار بحلول عام 2050 وفقًا
Strategyالجزيرة analysis.
ويضع خبراء الطاقة الهيدروجين الأخضر كإجابة عن متطلبات الطاقة العالمية في المستقبل، إلى الحد الذي يمكن أن يولد ما يعادل أكثر من 10 مليارات برميل من النفط على مدى العقود الثلاثة المقبلة، وهو ما يمثل حوالي 40 % من توليد الطاقة القائمة على النفط بالسوق في جميع أنحاء العالم.
وبينت أن المشروع سينتج 650 مليون طن يومياً من الهيدروجين الأخضر، ومن المتوقع أن يكون جاهزاً في بداية عام 2025، كما «سيوفر الوقود النظيف لعديد من السيارات والشاحنات والحافلات والسفن».
غاز الهيدروجين
يعد الهيدروجين من العناصر الكيميائية يرمز له بالرمز H، فهو من العناصر الخفيفة المتوفر بكثرة في الطبيعة، ولا لون ولا رائحة ولا طعم له ولا يمكن وجوده منفرداً في الطبيعة بل يكون متحداً ليشكل المركبات الكيميائية المختلفة، سواء كانت بالحالة الغازية كالغاز الطبيعي، أم السائلة كالماء أم الصلبة مثل المركبات الهيدروكربونية، وبما أنّ غاز الهيدروجين من الغازات الخفيفة حيث إنّه لا يطلق غازات عند حرقه لذا أصبح مؤهلاً لأن يكون وقوداً للمستقبل.
وفي قطاع النقل، يمثّل الوقود الهيدروجيني أحد أفضل الخيارات الواعدة للحدّ من الانبعاثات الكربونية لوسائل النقل، نظراً لكثافته الضئيلة التي تجعل وزنه منخفضاً، ولزمن تعبئته القصير مقارنة بزمن شحن البطاريات المستخدمة في السيارات الكهربائية. ولا تقتصر تطبيقات الهيدروجين على توليد الكهرباء، بل يمكن حرقه أيضاً لتوليد الطاقة في محركات الدفع الصاروخي.
ويُستخدم الهيدروجين لإنتاج حرارة مرتفعة تلبي حاجة الصناعات الثقيلة. كما يمكن توظيفه كمادة خام كيميائية في صناعة الصلب وإنتاج الأمونيا ومعامل التكرير وغيرها، أو كميثان صناعي لتقليل العمليات المسببة في انبعاثات عالية لثاني أكسيد الكربون، كما في إنتاج الإسمنت والصناعات البلاستيكية.
ما هو الهيدروجين الأخضر؟
الهيدروجين الأخضر وقود يعتمد إنتاجه على عملية تحليل الماء (المكون من الأكسجين والهيدروجين) كهربائياً بالاعتماد على طاقة ناتجة عن مصادر الطاقة المتجددة، فتحقق بذلك دورة كاملة تنتج وقوداً مراعياً للبيئة، لأن الهيدروجين بحد ذاته وقود نظيف يستخدم في خلايا الوقود الهيدروجينية لتشغيل السيارات (وربما الطائرات مستقبلاً)، والانبعاث الوحيد له هو الماء.
إلا أن عملية إنتاج الهيدروجين التقليدية التي تنطوي على تعريض الوقود الأحفوري للبخار، أبعد ما تكون عن الخلوِّ من الكربون. ويُطلق على الهيدروجين الناتج بهذه الطريقة الهيدروجين الرمادي، وفي حال عزل ثاني أكسيد الكربون عنه، يُعرف بالهيدروجين الأزرق.
أما الهيدروجين الأخضر فأمره مختلف؛ إذ يجري إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام آلاتٍ تعمل على تحليل الماء إلى عنصرَي الهيدروجين والأكسجين، دون أي نواتج ثانوية.
إنتاج الهيدروجين الأخضر
يتطلب التحليل الكهربائي للماء، في المعتاد، استهلاك قدر كبيرٍ من الطاقة الكهربائية، مما أعاق إنتاج الهيدروجين بتلك الطريقة على مدى عقود. ومع تغير الوضع تبعا للتطور العلمي شهدت آلات التحليل الكهربي زيادة في كفاءتها، إضافة لتَوافُر فائض من الكهرباء المتجددة بكميات كبيرة في شبكات توزيع الكهرباء؛ فعوضًا عن تخزين الكهرباء الفائضة في مجموعات كبيرة من البطاريات، يمكن الاستعانة بها في عملية التحليل الكهربائي للماء، ومن ثم «تخزين» الكهرباء في صورة هيدروجين.
وحسب «نيوم»، سيتم استخدام الكهرباء القادمة من مصادر متجددة الصديقة للبيئة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية لفصل جزيئات الأكسجين عن الهيدروجين الموجودة في المياه، ومن ثم استخدام الهيدروجين الناتج عن هذه العملية مباشرة.
لماذا الهيدروجين الأخضر؟
مع وجود الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أو في المناطق الغنية بالشمس التي يُعد توليد الكهرباء فيها أرخص كثيرًا من الكهرباء القائمة على الوقود الأحفوري، تقترب أسعار الهيدروجين الأخضر الناتج عن التحليل الكهربائي كثيرًا من أسعار الهيدروجين الرمادي الذي يتم إنتاجه باستخدام الوقود الهيدروكربوني؛ إذ لا يمثل النوع الأخير من الهيدروجين تحسينًا للوقود التقليدي فيما يتعلق بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتأثيره على التغيير المناخي.
كما يُمكن للهيدروجين الأخضر زيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة؛ إذ يُمكن تخزينه لفترات أطول، ويمكن نقله إلى أماكن لا تتوفر فيها إمكانية توليد طاقة متجددة، كما أنه يُمكن لباقة متنوعة من القطاعات الصناعية،
كما يعد الهيدروجين ناقلاً للطاقة متعدد الاستخدامات ونظيفاً ويتمتع بالمرونة، ويمثّل في قطاعات كثيرة البديل الأفضل أو الوحيد لوقف انبعاثات الكربون.
استخدامات الهيدروجين الأخضر
يملك الهيدروجين من عناصر القوة ما يجعل الاستغناء عنه أمراً مستبعداً. في أوروبا مثلاً، يمثّل الهيدروجين البديل البيئي الوحيد للغاز الذي يجري توزيعه عبر الشبكة العامة لتدفئة أكثر من 40 في المائة من منازل الاتحاد الأوروبي، ولتوفير نحو 15 في المائة من الطاقة اللازمة للصناعة الأوروبية.
وفي قطاع النقل، يمثّل الوقود الهيدروجيني أحد أفضل الخيارات الواعدة للحدّ من الانبعاثات الكربونية لوسائل النقل، نظراً لكثافته الضئيلة التي تجعل وزنه منخفضاً، ولزمن تعبئته القصير مقارنة بزمن شحن البطاريات المستخدمة في السيارات الكهربائية. ولا تقتصر تطبيقات الهيدروجين على توليد الكهرباء، بل يمكن حرقه أيضاً لتوليد الطاقة في محركات الدفع الصاروخي.
ويُستخدم الهيدروجين لإنتاج حرارة مرتفعة تلبي حاجة الصناعات الثقيلة. كما يمكن توظيفه كمادة خام كيميائية في صناعة الصلب وإنتاج الأمونيا ومعامل التكرير وغيرها، أو كميثان صناعي لتقليل العمليات المسببة في انبعاثات عالية لثاني أكسيد الكربون، كما في إنتاج الإسمنت والصناعات البلاستيكية.
كيف سيتم تصدير الهيدروجين؟
بالإمكان نقل الهيدروجين للمسافات القصيرة من خلال شاحنات خاصة، ولكن بالنسبة للمسافات البعيدة ستكون السفن والأنابيب هي الأنسب، ونظراً لعدم وجود سفن خاصة الآن لنقل الهيدروجين سوف يتم تصديره من خلال تحويله إلى مادة الأمونيا التي يسهل نقلها على سفن خاصة لذلك.