محمد آل الشيخ
يتفق أغلب السعوديين على أن أخطر عدو لنا على الأمد القصير هو إيران الملالي، وكل من يقول بغير ذلك إما أنه عدو ولو كان عربياً، أو أنه لم يقرأ الساحة الإقليمية بقدرٍ من العمق والحيادية. وما من شك أن بقاء الإيرانيين محاصرون كما هم عليه الآن من مصلحة المملكة؛ ولا سيما أن المملكة قوية عسكرياً، واقتصادها متماسك ومتين، والتلاحم بين أبناء شعبها على قدر كبير من القوة، ومستوى الرفاه الاقتصادي جيد إن لم يكن ممتازاُ، ومشاريع التنمية في الداخل لم تتأثر بتجاذبات المنطقة السياسية، وأهم مؤشر له دلالة أنها واحدة من دول العشرين الأقوى اقتصاداً في العالم؛ أما إيران فهي تُعاني تشرذماً في لحمتها الداخلية، إذ إنها تتكون من أعراق غير متجانسة، وذات هويات متضادة، ويطغى عرق واحد هو العرق الفارسي على بقية الأعراق والإثنيات الأخرى ، ومعدل النمو الاقتصادي متراجع، ومعدلات التضخم الاقتصادي ترتفع سنة بعد الأخرى، والعملة المحلية تتهاوى، والأهم من كل ذلك، أو لعله سبب له، الحصار الاقتصادي المُحكم من قبل الولايات المتحدة، والذي بلغ أوجه الأقصى في عهد الرئيس ترامب، والمستمر حتى الآن في عهد الرئيس بايدن، رغم أنه أبدى نوعاً من الوعود التي لم تترجم إلى واقع حتى الآن، ووضع شروطاً لرفع العقوبات، لا أعتقد أن إيران ستتجاوب معها.
ننتهي من كل ذلك إلى القول إن بقاء الوضع كما هو عليه الآن هو من مصلحة المملكة ودول الخليج، وفي المقابل فإن العدو الإيراني لا يُمكن أن يقاوم ويكابر ويصر على شروطه، لأن مرور الزمن لا يصب في مصلحته؛ أي بمعنى آخر أن المملكة ودول الخليج وكذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية ليسوا في عجلة من أمرهم، طالما أن مرور الوقت يشكل عنصراً ضاغطاً على الإيرانيين لتحسين شروط الاتفاق النووي المزمع إبرامه من جديد.
الرئيس الأسبق أوباما كان أفضل رئيس أمريكي تعاون مع إيران في تاريخ العلاقات الأمريكية الإيرانية الحديث، إلا أن الإيرانيين لم يحسنوا التعامل مع هذه الفرصة النادرة جيداً، وهم الآن في عهد بايدن يجنون تبعات تفريطهم بتلك الفرصة التي كانت بالنسبة لدولة الملالي ثمينة. كان أوباما أثناء ولايته يطرح فكرة أن تتقاسم المملكة مع إيران النفوذ على دول المنطقة، وكان الإيرانيون يقبلون ذلك ضمناً، بينما أن المملكة من حيث المبدأ لا يمكن البتة أن تقبل هذا التقاسم، لأن الإيرانيين كانوا يسيطرون، إذا لم أقل يحتلون، أربع عواصم عربية، لا حق لهم فيها، ومن واجب المملكة المبدئي كدولة عربية محورية تجد أن من أولى أولوياتها الدفاع عن تلك الدول التي تهيمن عليها إيران هيمنة تلغي عروبتها واستقلالها، وتحولها إلى أشبه ما تكون بإقليم من الأقاليم الإيرانية. غير أن الأمريكيين، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي بايدن اكتشفوا أن دولة الملالي لا يحد طموحاتها حد، وأن الرهان على أن (تطبيع) العلاقات الأمريكية والأوروبية معها سينقلها من (إيران الثورة) إلى (إيران الدولة) كما كانوا يظنون كان اعتقاداً خاطئاً؛ فالكهنوتية الحاكمة في إيران تجد أن من أوجب واجباتها إبقاء الثورة مشتعلة، بل وصب الزيت عليها كلما خبت شعلتها.
كل ما أريد أن أقوله هنا إن إيران في حقيقتها (دولة دينية)، لها أجندة أسسها ورسم معالمها مؤسسها الخميني، وكل من أحسن الظن بها، كمن يحسن الظن بأفعى سامة قاتلة، لتعيش بين البشر. من هنا يمكن القول إن العلاج الناجح لها هو الحصار حتى تتوقف عن أطماعها وسياساتها ومؤامراتها.
إلى اللقاء