عثمان بن حمد أباالخيل
الناس لا يختلفون في أنّ هناك فوارق كبيرة وفجوة عميقة بين سلوكيات الرجولة والرعونة، وفي المقابل هناك من لا يُفرق بينهما معتقدًا وممارسا أنهما سيان، وهذه مصيبة هذا الاعتقاد وقصر النظر وضبابة الرؤية. الزوجة حين تتعامل مع زوجٍ أرعن تتحول حياتها الزوجية إلى حياةٍ مأساوية وجفاف عاطفي واتجاهات خاطئة. الرعونة باختصار هي الحُمق والجهل، والرعونة هي الإنسان الأهوج الأبله المعتوه المُغفّل. ويسمى الرجل أرعن والمرأة رعناء. وفي المقابل هناك رُعْنٌ لكنهن قليلات نسبيا مقارنة مع الأرعن.
الرجولة ليست العضلات وإصدار الأوامر على الزوجة والأبناء، الرجولة ليست السب والشتم وأكل حقوق الناس، الرجولة ليست الفوضوي في تفاصيل سلوكيات الحياة. الرجولة ليست من يتمسَّك برأيه ويتجاهل تماما ما يقوله الآخرون، الرجولة ليستْ من يخدع فتاة - واعدًا إياها بالزواج، ويُشوِّه سمعتها وصيتها، الرجولة كلمة وموقف ومدلولات حقة يجب أن يعيها ويدركها الرجال. الرجولة هي الشهامة والمروءة، هي الأخلاق الكريمة والمعاملة الحسنة، هي حب الآخرين، هي الكلمة الطيبة، هي مساعدة كبار السن هي معاملة الزوجة كما جاء بها ديننا الإسلامي، هي الحكمة والشجاعة، هي التواضع، هي ضبط النفس عند الغضب حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
يحز في نفسي عندما أسمع أن بعض الأزواج يتلفظون بقولهم أنا رجل، هل يعرف معنى الرجولة؟ وهل هذا نقصان بمفهوم الأنوثة؟ هناك نساء عقولهن أرشد وأحكم من عقول أزواجهن لكنه لا يؤمن بما تقول فهي حرمة. الرجل الأرعن يخاف من الزوجة الرشيدة المدركة خائفا على رجولته المزيفة التي يتباهى بها. الزوجة الحكيمة تتعامل مع أخطاء زوجها الأرعن بكل إيجابية لعله يدرك مدى رعونته وأخطائه التي يقترفها بحق زوجته، لكنه هيهات أن يدرك ذلك فهو مغلق جميع النوافذ. أبدًا لا ألوم الزوجة التي تطلب ما أحل الله «الطلاق» حين تنفذ كل السبل والطرق لقتل الرعونة داخل زوجها، حين لا ينفع العلاج وتصعب الحياة الزوجية كما جاء في ديننا الإسلامي السمح.
أقتبس (الرجولة لا تحتاج إلى برهان.. ولكن الإنسانية تحتاج لأن نبرهن عليها في كل لحظة). الرجولة مواقف وليست صفة جسمانية أو هرمونات الذكورة والرجولة، حب الوطن والدفاع عن الوطن، الرجولة رفع سمعة الوطن والدفاع عنه بالقلم والروح، الرجولة تكمن في حجم التضحية ومقدارها التي قد تبلغ من الذروة عند الدفاع عن كل شبر من أرض وتراب الوطن. أما الرعونة أن تتخلى عن الوطن «وطن لا تحميه لا تستحق العيش فيه». كم هو جميل أنْ يتخلى أصحاب الرعونة عن رعونتهم ويتحلوا بقيم الرجولة. أقتبس (الرجولة معناها أن تكون مسؤولاً أولاً وأخيراً عن أفعالك).
- مصطفى محمود