رمضان جريدي العنزي
هناك مرض ظاهر، وهناك مرض خفي، الأول نراه بوضوح ظاهر على الوجه والجسد، والآخر مخفي وعصي على الاكتشاف وهو الأخطر وقعاً ونتيجة، أن المصابين بهذا المرض في أعماقهم مراجل تغلي من الغل والحسد والخبث واللؤم، يبتكرون العداوات ويبحثون عنها، ويتباهون بأعمال ليست من صنيعهم ولا هي لهم، ينسجون روايات خيالية حول ذواتهم، ويصنعون لأنفسهم مظاهر مستعارة إرضاء لنزعة الغرور والقصور التي عندهم، لا يحبون الحقائق، ولا الأصوات الهادئة، وينزعجون جداً من الواقعيين والناجحين وأصحاب التميز، أساليبهم حيل، وأقوالهم باهتة، ويسعون بين الناس بزهو مفرط مثل طاووس مغرور بريشه ولونه، ما عندهم قدرات، ولا مواهب، ولا أدنى معرفة بالأشياء، ومع ذلك يرون أنفسهم قمماً وهم في الواقع رمم، ولو أنصفوا أنفسهم لأدركوا أن بينهم وبين السمو مسافات عالية، وبعد مهول، وبون شاسع، ولكونهم يجيدون لبس الأقنعة بدقة متناهية، ويمتهنون أساليب الخداع والحيل بحرفية عالية، فإنهم لا يبالون إلا بذواتهم المريضة وأسقامهم وأوجاعهم المستعصية، أن الفشخرة الكاذبة التي عندهم مرض أخطر من السل والدرن والكورونا المتحولة، ولأنهم لا يعرفون أنفسهم حق المعرفة، لذلك نراهم يهيمون في كل أودية الكذب والبهت والتلون والنفاق، دون خجل ولا حياء يطلقون أكاذيبهم المصطبغة بالوهم والأباطيل، وينظرون لأشياء لا وزن لها ولا قيمة، وجوههم كالحة، وحقائقهم ليست واضحة، وزيفهم له رائحة مثل رائحة السبخ والمياه الآسنة، متسلقون يحاولون الوصول لأهدافهم المبتغاة على أكتاف الآخرين وحسابهم، استغلاليون ويسعون بنهم مفرط لامتلاك الأشياء بكل وسيلة سانحة، بارعون في التخفي تحت عباءة الدجل، يحاولون التأنق والتألق لكن محاولاتهم فاشلة لأن أسها ضعيف وواهن، أن هواهم الباذخ بالنفس يوقعهم بالمطبات، ويسقطعهم من أعين الناس، إن الحياة علمتنا أن المتفشخرين مجرد غواة يريدون التسلق على أكتاف الآخرين إرضاء لذواتهم المريضة ونفوسهم السقيمة.