يتصف القادة الناجحون في أية مجال بالبراعة في رفع المعنويات سواء في حال مرور المنظمة أو المنشأة والعاملين فيها بأية أزمة، أو رغبة ذلك القائد الناجح في حشد المزيد من الطاقات لدى الأفراد ليحقق الأهداف التي يرجوها والتي تبتغيها تلك المنظمة أو المنشأة، ومن بين تلك القيادات القادة الكشفيون الذين تتطلب أعمالهم خاصة في المواسم الكبيرة كالحج أو العمرة أو مواجهة أية أزمة أو كارثة في المجتمع كالسيول والحروب، وهو الأمر الذي أنجب الكثيرين الذين يتصفون بتلك الصفة على مر التاريخ الكشفي السعودي، ومن بين هؤلاء محمد بن خريف الناشي المولود في حرمه عام 1358هـ، وانتقل إلى رحمة الله بعد حادث سير عام 1418هـ ظل بعده مقعداً، يوم السبت 27 جمادى الأولى 1432هـ، وقد عرفت الناشي - رحمه الله - منذ كنت فتى بالكشافة في المرحلة المتوسطة ما بين 1398- 1400هـ، حيث كنت أشارك في خدمة الحجاج، وكان في ذلك الوقت يمكن لطلاب تلك المرحلة المشاركة بعكس اليوم التي يتطلب أن يكون المشارك فيها بالمرحلة الثانوية أو الجامعية مع اجتياز بعض الاشتراطات والمتطلبات وبخاصة الناحية البدنية لما في العمل بها من مشقة، وكنا في ذلك الوقت نمنح في نهاية الخدمة مبلغ مائتي ريال كمكافأة من جمعية الكشافة، وفي اليوم السادس من ذي الحجة عام 1400هـ، تم جمعنا جميعاً في معسكر عرفات قادة وجوالة وكشافين، وزف لنا الخريف أمر جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - برفع مكافآتنا إلى 1500 ريال، والقادة بالإضافة إلى انتدابهم يمنحون مكافأة سُميت بمكافأة الحج أو مكرمة الملك خالد وكانت بمقدار راتب ونصف من أساس راتب الموظف وفق مرتبته ودرجته ومستواه، فكانت ليلة لا تُنسى لم ننم من السعادة، وفي عام 1405هـ أصبحت زميلاً له كقائد كشفي كُلِّفت حينها بالسكرتارية معه في معسكر مكة المكرمة الرئيس «العزيزية» الذي عمل قائداً له ما يقارب 15 موسمَ حج من أصل 30 موسمَ حج تقريباً، وحُظيت في ذلك الوقت بالمكرمة الملكية كغيري من القادة الكشفيين، وكان الجميع يتسابقون للحصول على شرف المشاركة بتلك المناسبة رغبة في خدمة الحجاج، وطمعاً في الحصول على تلك المكافأة المجزية، وفي عام 1409هـ ذهبنا إلى المعسكرات ونحن موقنون أن المكافأة كما هي في كل عام، ولكن حدث ما لم نكن نتوقّعه إذا تبلغنا هناك بأن المكافأة التي سيحصل عليها القائد ستكون انتدابه فقط بحسب عدد الأيام المكلّف بها،ووفق راتبه ودرجته ومستواه، فكان أن ساد الإحباط لدى الجميع بدون استثناء، وتناسينا أن أصل عملنا هو التطوّع، وأن خدمة الحجاج شرف لا يعدله شرف، وأن الحركة الكشفية يفترض فيها العمل من أجل الآخرين دون انتظار أية مردود، ولكن ذلك كله ذهب هباءً مع الرياح، ومرت 24 ساعة كئيبة قصر الكثيرون في عملهم والمتمثِّل في مسح المشاعر قبل قدوم الحجاج إليها، فكان أن تم جمعنا نحن القادة في حلقة السمر بمعسكر العزيزية، وألقى فينا الخريف - رحمه الله - كلمة تحفيزية بصوت يعرفه الجميع عنه، لو قال لنا أحد بعدها اعملوا طوال الموسم بالمجان لعملنا لما فيها من رفع معنويات، وكلمات عن أهمية تلك الخدمة دينياً ووطنياً، فكانت تلك الكلمة حديثَ ذلك الموسم ولا يزال جيلي ومن حضر تلك الواقعة يستشهد بها، وهي ما يُعرف اليوم في الإستراتيجيات الفعَّالة لإدارة الفريق بالبطل الذي يستطيع الترويج للأفكار ورفع الروح المعنوية وحشد الطاقات وإحداث التغيير، والمبتكر الذي يستمتع بالخروج بأفكار جديدة، وتصميم الحلول الإبداعية، ومتابعة التغييرات الخلاَّقة، والمنقذ وهو الشخص الذي يستطيع مسك زمام الأنشطة اليومية والمهام الإدارية، والميسّر وهو الذي يبرع في إدارة العلاقات بين أعضاء الفريق فيما بينهم، وبالتالي فإن الخريف يُعد أحد الرموز الكشفية السعودية التي أثَّرت الساحة الكشفية بالكثير من العطاءات، وكان يشغل رئيس قسم النشاط الطلابي بإدارة التعليم في محافظة المجمعة، وترأس مجلس إدارة نادي الفيصلي والذي اعتمد رسمياً من وزارة الرياضة عام 1386هـ خلال رئاسته، وقام بتغيير اسمه من نادي شباب حرمة إلى النادي الفيصلي، وقد مثَّل المملكة في الكثير من المحافل والمناسبات الكشفية ومن أهمها المؤتمر الكشفي العربي السادس عشر في سلطنة عمان، والسابع عشر في اليمن، والثامن عشر بالإمارات والتاسع عشر والعشرون بالقاهرة والحادي والعشرون في تونس، كما تولى قيادة الوفد السعودي في المعسكر العربي السابع في ليبيا وشارك في المعسكر الثامن بالجزائر وقائداً للوفد الكشفي السعودي في المخيم الحادي عشر في لبنان والثاني عشر في تونس والسابع عشر في عمان والثامن عشر بالمغرب، وقائداً للوفد السعودي في المعسكر الكشفي الذي أُقيم بالإمارات، وقاد العديد من المناسبات والدراسات، وحصل على وسام مجلس التعاون لدول الخليج، والقلادة الكشفية الفضية لجمعية الكشافة العربية السعودية.
** **
@mawdd3 تويتر
Mawdd2@hotmail.com