سمر المقرن
كل إنسان يمر بلحظات حزن.. وليس هناك أقسى من فقد عزيز أو دفنه تحت الثرى، ولا أصعب من أن يخيب الأمل في قريب فتتقوض الأحلام في جنح ليل. وبرغم الإرادة قد يسترجع الذكريات الأليمة فيستسلم لطوفان دموعه ويتلظى بنيران القهر والحسرة، ولكن التصرّف الصحيح والطارئ أن يغلق بأقرب وقت باب الأحزان بمسمار الرضا حتى لا يصبح في الحزن وفيه يُمسي، فيغرق في محيط حزن لا نهائي، وعندها قد يخسر روحه ذاتها فلا استعاد ما حزن من أجله ولا حتى ظل ليسعد غيره. أعرف أن فقد عزيز قد يُدمّر القلوب ويحطم الآمال وينقض على الأحلام، وأن خيبة الأمل في قريب أو حبيب أو صديق مؤلمة وصادمة! ولكن ما الجدوى لفتح باب الأحزان على مصراعيه للشيطان؟ وما فائدة الاستسلام للمواجع التي تهلك الصبر الجميل وتمسي الإنسان أسيراً بين أيدي جيوش الغم فيحترق قلبه كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف؟ فتنفطر القلوب التي لها على الشخص حق فيضحي بها طواعية ويشتري الحزن بالعذاب وما أدراك ما الحزن وتوابعه!
حتى في البحوث والدراسات تحذيرات وتأكيدات لا تنتهي على سلبيات استمرار مشاعر الحزن، وقد قرأت قبل فترة دراسة أمريكية تابعة لجامعة هارفارد للطب، إن الحزن العميق والدفين وغالباً يحدث لوفاة شخص مقرب يسبب مشكلات صحية لا حصر لها، منها: سرعة نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم مما يؤدي إلى أزمة قلبية حادة قد تسبب الموت لا قدر الله. وعند وفاة شخص تزداد فرص إصابة المقربين له بالنوبات القلبية نحو 21 ضعفاً في اليوم الأول للوفاة وتهبط إلى 6 خلال أسبوع وهي نسبة مرتفعة أيضاً في كل الأحوال، وأكد الدكتور مواري ميتلمان طبيب القلب في جامعة هارفارد في نفس الدراسة أن الحزن يؤدي إلى إصابة الإنسان بالأرق وقلة عدد ساعات النوم وفقدان الشهية وزيادة هرمونات التوتر المعروفة الكورتيزول فتسبب مخاطر النوبات القلبية القاتلة والمميتة!
لذا، وعلى كل إنسان أن يتنبّه بألا يسمح للحزن بغلق عينيه فتمر من أمامه السعادة ولا يراها فيعيش في نكد وهم إلى الأبد. وبإمكان كل منّا تجاوز الأوقات الصعبة ومواجهة المصائب والابتلاءات بكل شجاعة واستسلام للقضاء، فلا حزن يدوم ولا فرح يبقى للأبد. أن نرفع راية السلام في وجه المثلث القاتل «الهم» و»الحزن» و»القلق» والفارق بينها ليس بكثير، فالحزن على أشياء حدثت، والهم على أمور قد تحدث أو لا تحدث، أما القلق فهو مشكلة في العقل والتفكير بسبب شيء يحدث حالياً ولكن لا تطول فترته!