العقيد م. محمد بن فراج الشهري
تقوم إيران حالياً بألاعيب عدة ليست خافية على المجتمع الدولي للهروب من عزلتها ولإقناع الدول الكبرى بقدرتها على صنع القنبلة النووية والكثير من الصواريخ بعيدة المدى وغير ذلك من الابتزازات التي نصفها في الحقيقة دعائية وفبركات، الهدف منها الخروج مما هي فيه من مصائب شعب جائع ومشاكل اقتصادية متعددة الأوجه وكُره دولي عام لأفعال إيران في كل زاوية ومكان.. وتبديد للثروات برعايتها ميليشيات الإرهاب في لبنان، والعراق، وسوريا، واليمن، وإفلاسها على المستوى السياسي.. وابتعاد كثير من الدول التي كانت تساندها فيما مضى.. واستياء شعبي عارم يريد حرية ومعيشة وحياة كريمة أصبحت شبه معدومة، وما تقوم به إيران من هرطقات حول زيادة التخصيب والاستمرار في برنامجها النووي لا يعدو كونه استجداء لتغيير واقع الحال، فليس لديها الإمكانات النووية لصنع قنابل نووية، والغرب والشرق يعلم ذلك ولكنها محاولات لتقول (نحن هنا) وتضع حول اسمها هالة نووية تخيف جيرانها والمحيطين بها. لكنها تسعى لعمل شيء ما حسب إمكاناتها المتواضعة في هذا المجال.. وكان من الواجب على الدول الكبرى وفي مقدمتها الدول الأوروبية إيقاف هذا العبث والتهديد والتسويف بإجراءات حازمة وليس اتفاق (5+1) الذي لا يقدم ولا يؤخر بل العكس أعطى إيران أكثر مما تستحق، ومن هذه العطاءات أنها استردت مليارات كانت مجمدة بسبب اتفاق (5+1).. وظُلم معه شعوب المنطقة المجاورة حين لم ينظر إلى التهديدات التي قد تصيب المنطقة بكارثة حقيقية، حيث إن إيران ذهبت بمواقعها وتجاربها إلى المناطق الجبلية هربًا من الرقابة لكن تلك المواقع معرضة للزلازل في أي وقت، وهذا بحد ذاته كارثة لو حدث تسربات أياً كان نوعها بيولوجية أو كيماوية، أو نووية، أو أي مصائب أخرى، وإيران ليست لديها القدرة الكافية على حماية منشآتها من أي ضربة في أي وقت ولا من الزلازل التي تأتيها سنويًا، ويعد المراقبون المتابعون للملف النووي أن طهران تسعى من خلال التسريع في تطوير برنامجها النووي في هذا الوقت بالذات هو لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، أولها زيادة الضغوط على الغربيين، وعلى الطرف الأمريكي تحديدًا لدفعها للتحرك سريعًا، بقبول واشنطن، رغم العقوبات أو تدخل الأوروبيين لتوفير حل وسط بين الموقفين المتناقضين، وثاني الأهداف توفير أوراق إضافية للمساومة عندما تنطلق المفاوضات من هنا، بالنسبة لإيران أهمية الارتقاء بالتخصيب إلى نسبة0 % أو السعي لإنتاج معدن اليورانيوم ونشر أجهزة طرد مركزي حديثة، وتطوير صواريخ بعيدة المدى، وثالث الأهداف إفهام الغربيين أن طهران تقترب أكثر فأكثر من أن تتحول إلى قوة نووية مع الاستمرار بالتأكيد أنها ما زالت متمسكة بالاتفاق، وأن ما تقوم به يتم تحت أنظار مراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية... من هنا نرى مصدر تحذيرات الوزير بلينكن والرئيس الفرنسي مكرون من اقتراب طهران من إنتاج سلاح نووي، وأيضًا تصريح برايس بأن الملف النووي «يشكل تحديًا يتعين التعامل معه فورًا». والواضح أن دورًا للأوربيين لن يكون ممكنًا من غير تجاوب أمريكي مع أن الاتصالات تشير إلى تعاون فرنسي أمريكي في هذا المجال، ومطالبة الرئيس الفرنسي بأن يكون للسعودية دور في أي مفاوضات قادمة وهو مربط الفرس، لأنه إذا عاد الأمر للاتفاق السابق (5+1) فسيكون كارثة على شعوب المنطقة، وسيعطي إيران الفسحة الكاملة في محاولة فرض هيمنة وزيادة انتشار عصاباتها الإرهابية ويزيد من غليان المنطقة أكثر وأكثر، وذلك الاتفاق لا يجدي ولا يسمن من جوع بالنسبة للدول التي ترفض استمرار إيران في مشروعها النووي سواء كانت مشاريعها كاذبة أم صادقة، وعلى إيران أن توفر البراهين التي يمكن التحقق منها وأنها لن تُراكم المزيد من الإمكانيات النووية أيًا كان شكلها أو نوعها، ووقف العبث الإيراني وتهديده لجيرانه والدول التي يناصبها العداء الدائم.. ويوقف تخبطاته على المستوى الدولي وتهديد الملاحة الدولية في هرمز والبحر الأحمر والمنافذ البحرية، وعبث ميليشياته التي أقلقت السلم العالمي وجعلت بعض الدول تعيش بلا حكومات بسبب تدخلاتها، وكأن الدول الكبرى لا تراها كما يحدث بين الكلب والذيب من ينبح أكثر يربح.. وإذا عاد العالم للاتفاق السابق مع إيران بنصوصه نفسها وتركة أوباما الخبيثة فلن يتحقق أي أمن ولا سلم، وستزيد إيران من غطرستها في ظل حكومة لا تعترف بالمفاهيم ولا يهمها من يموت من شعبها في سبيل الشيطان الذي تحاول أن ترضيه بعمامته والعمائم التي معه.