د. عبد الرزاق بن حمود الزهراني
في رثاء شقيقتي صفية بنت حمود الفقيه - رحمها الله - التي وافاها الأجل يوم الخميس 15 جمادى الآخرة 1442هـ:
يا أمَّ هزاعَ أمَّ الصبرِ والخَفَر
أمَّ التواضعِ والإيمانِ بالقدَرِ
كانت حياتُك تعليماً وتجربةً
منها تعلمتُ في نُضجِي وفي صِغري
سبحانَ من جعلَ الأميَّ مدرسةً
تشعُّ أنوارُها في البدوِ والحَضَرِ
لا تنظرنَّ لقولٍ لا يصاحبهُ
فعلٌ؛ فبالفعلِ تلقى بالغَ الأثر..
يا قدوةً كانت الأنظارُ ترقبُها
لتقتفي فعلَها في الحلِّ والسفر..
لم ترفعي الصوتَ والأيامُ قاسيةٌ
لم تجرحي أحداً يوماً لتعتذري..
اللهُ أعطاكِ صبراً لا يشابههُ
صبرٌ، سوى صبرِ أيوبٍ ومقتدرِ
إنْ أنْسَ لا أنسَ عاماً كان متصلاً
بالقحطِ، كان به درسٌ لمُعتَبِرِ..
ماتَ (الحلالُ) وعانى الناسُ ضائقةً
تعرَّتِ الأرضُ من نبتٍ ومن شجرِ..
وكان بعضُ بقايا الشيحِ منزوياً
بين الوهاد وفي سهلٍ ومنحَدَرِ..
جئتي، ومعْكِ رفيقُ الدربِ في غَلَسٍ
لتجمعوا الشيحَ في خوفٍ وفي حذرِ
وأنشبَ العقربُ المشؤومُ إبرتَهُ
وقال يا نارُ شُلّي الجسمَ واستعري..
عادُوا عشاءً وفي أعماقهم وجَلٌ
لكن سبحان من أنجى من الخطرِ..
تمضي السنونُ وكلٌ في مشاغلهِ
مستغرقٌ دونما كَلٍّ ولا خورِ
يا أُمَّ هزاعَ قاسيتِ الحياةَ لظىً
ويومُ شُغلكِ يبدا ساعةَ السحرِ..
في كلِّ ما كانت الأنثى تقومُ به
بين المزَارعِ والأشواكِ والثَّمَرِ..
في كلِّ ما يشغلُ الفلاحَ من عملٍ
تمضي الليالي بين الصفوِ والكدَرِ
أما الضيوفُ فحدّثْ عن توافدِهم
لمنزلِ الشيخِ ربِّ الجودِ والظفَرِ..
يلقون ما يرتجي الروادُ من كرمٍ
ومن حديثٍ جميلٍ مؤنسٍ عطِرِ..
يا أمَّ هزاعَ ربيتِ الرجال ففي
أبنائك الغُرِّ نلقى بارزَ الأثرِ..
حتى مع كثرةِ الأمراضِ كنتِ لنا
كنزاً من الشعرِ يُغني ساعةَ السمرِ
سرورُنا أن ربَّ الكونِ أكرمَنا
بحسنِ خاتمةٍ جاءت لمُنتظرِ
جاءت كما يتمنى المؤمنونَ وفي
أمثالِها عِبرةٌ تزجى لمعتبر..