إيمان حمود الشمري
على البساط الأحمر الأنيق الذي بدا وكأنه يفتح ذراعيه لاستقبال الحضور الإعلامي خطت خطوات كل المهتمين بإعلان نتائج الفائزين بجائزة الملك فيصل. تلك الجائزة التي تستقطب العقول وتحتفي بها وتلفت الأنظار للقيمة الحقيقية للإنسان، حيث الثراء الحقيقي الذي لا يقبل تزييف، نجوم قد يغيبون عن الأنظار ولكن يأبي التاريخ إلا أن يخلدهم بجائزة، نجوم ليسوا تحت الأضواء وإنما فوق صخب الإضاءة وضجيج وسائل التواصل.
جائزة الملك فيصل في عامها الثالث والأربعين تمنح لكفاءات في عدة مجالات ومن عدة جنسيات لا تفرِّق بين جنس أو عرق أو لون لأن الانحياز للفكر والإنتاجية، جائزة تتساوى بها المقاييس الشكلية لأن التفاوت بالإنجاز والعطاء الذي يسهم في تحسين حياة البشرية وينعكس على جودة الحياة في خمسة فروع متنوِّعة تغطي أهم الجوانب، إذ إنه من أهم ما يميز الجائزة أن الترشيحات تكون من جامعات ومنظمات تؤمن بحيادية الجائزة وانحيازها للعلم.
ثلاثة وأربعون عاماً تم خلالها تكريم 275 شخصية بمختلف الدول لعلماء من الخليج والمغرب العربي وإفريقيا يتفانون في عملهم فينالون شرف الجائزة. إضافة إلى تكريم علماء من أرقى الجامعات العالمية كجامعة هارفارد وأكسفورد أثرت أبحاثهم مجال الطب والعلوم واللغة ونفعت البشرية.
وجاءت فكرة الجائزة بعد فترة زمنية قصيرة من وفاة الملك فيصل -رحمه الله- إذ قرَّر أبناؤه وبناته تأسيس جائزة تحمل اسم والدهم وفاءً منهم له وتخليداً لذكراه، حيث أبدى الملك فيصل -رحمه الله- في حياته اهتماماً بالغاً بالعلم والتعليم وخدمة الإسلام، وآمن بأن السيادة للعلم، والتفاوت الحقيقي بين الشعوب بالمعرفة. وأراد أبناؤه عمل صدقة جارية يستمر أجرها بعد وفاته، إذ يفنى الإنسان ويبقى العمل زماناً بعد صاحبه، فخير ما يترك من أثر علم ينتفع به.
رحل الملك فيصل -رحمه الله - عن عالمنا وبقيت أصداء اسمه تتردد بجائزة تدخل جميع الدول تخلد ذكراه، وتحفز العقول للتنافس على شرف نيلها وشرف تسلّم الجائزة من يدي خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه- طموح أبناء الفيصل في تطويرها المستمر بتنويع مجالات التنافس ودعم ولاة الأمر لها، جعلها جائزة عالمية منافسة تمثِّل المملكة العربية السعودية سنوياً وتعكس الصورة الحضارية لاهتمام المملكة بالعلم والتعليم، ويتردد أصداؤها بالصحف الغربية والعربية وتعلِّق على جدران العلماء والمفكرين براءة من الورق الفاخر مكتوبة بالخط العربي بتوقيع رئيس هيئة الجائزة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز لتبقى محطة توقف لكل من يمر بها وأداة تحفيزية ملهمة لكل من يريد الحصول عليها..