خالد بن عبدالكريم الجاسر
لقد لامس ولي العهد مجتمعه بقوله: «لقد كان ذلك مؤلماً للعديد من الأفراد والأسر، ولاسيما للمرأة، ومكّن البعض من التنصل من مسؤولياته، الأمر الذي لن يتكرر في حال إقرار هذه الأنظمة وفق الإجراءات النظامية»، إذ تُعد صياغة بيئة تشريعية جاذبة ومتطورة، عاملاً رئيسياً في استدامة الحياة المُجتمعية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، هذا ما تؤكد عليه منظومة التشريعات المتخصصة، وفق خطوات جادّة سارت عليها المملكة في السنوات الأخيرة، بإصلاح تاريخي.. لأربعة أنظمة للأحوال الشخصية والمعاملات المدنية والإثبات والعقوبات التعزيرية، ليُعلنها برؤيته الثاقبة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظه الله- لرفع كفاءة الأنظمة وتعزيز الحقوق وتحسين جودة الحياة وجعل المملكة بطاقاتها ومقوماتها السعودية منطقة عالمية تزيد من جاذبيتها، لذا فهي تعمل حالياً على التطوير التشريعي من خلال استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان وتحقّق التنمية الشاملة، وتعزّز تنافسية المملكة عالمياً من خلال مرجعياتٍ مؤسسيةٍ إجرائيةٍ وموضوعيةٍ واضحةٍ ومحددةٍ، تعكس رؤية القيادة، وتطلعاتها في تحقيق مبادئ العدالة، وحفظ الحقوق، وتحقيق الأهداف المرجوة منها في الحفاظ على الأسرة، وتُؤطر العلاقة بين أفراد المجتمع، وبالتالي تسهيل الحركة الاقتصادية، ورفع كفاءة الالتزامات التعاقدية التي تُعزز جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية، بما يُلائم مُتطلبات التطور والنمو المُتلاحقة التي يشهدها الاقتصاد الوطني، مع الأخذ بأحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، وبما لا يتعارض مع الأحكام الشرعية، ويراعي التزامات المملكة فيما يخصُّ المواثيق والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها.
إنها نقلة نوعية فريدة تُلح بها الحيثيات التي تفضل بها ولي العهد بتطلعاتها الكبيرة، نحو تعزيز دور السعودية الريادي في شتى المجالات، ومنها المجال العدلي والحقوقي، وإيجاد الحل المؤسسي الحاسم واستقرار المرجعية النظامية بما يحدّ من الفردية عبر وضوح الرؤية وقوة العزيمة بأدوات دعمها الكبيرة بعد العمق في الدراسة والتكييف، لأن عدم وجود هذه التشريعات أدّى إلى تباينٍ الأحكام وعدم وضوحها في القواعد الحاكمة للوقائع والممارسات، وأثر على طول أمد التقاضي الذي لا يستند إلى نصوص نظامية، علاوة على ما سبَّبهُ ذلك من عدم وجود إطار قانوني واضح للأفراد وقطاع الأعمال في بناء التزاماتهم، بدليل ما عرف باسم (مشروع مدونة الأحكام القضائية)، التي لم تُعط للمجتمع ما يتمناه. إنها تشريعات علاجية جذرية، تُنظم الوقائع والسلوكيات، بخطوات تنموية شاملة لا تهدأ، حتى بلوغ أفضل المستويات العالمية وتعزيز تنافسية المملكة عالمياً، تحت شعار (الإنسان أولاً) قولاً وعملاً.