الهادي التليلي
عندما تكلم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن رياض المستقبل ورؤية الرياض بالشكل الذي وضحه لم يكن الأمر مجرد طرح استراتيجي حضري، بل هو من عمق الوفاء للمكان في طموحات حاضره وهويته التاريخية، حيث إن الرياض هذه المدينة الكبيرة والعاصمة المرتبة عالميا من حيث جودة الحياة الحضرية والثالثة على مستوى العالم العربي، والتي تعد من أسرع دول العالم من حيث النمو الحضري، والذي تظهره بصمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تسلم إمارة الرياض أيام كانت بشارع واحد غير مجهز إلى عاصمة راقية تمتد على ما يزيد على 3.115 كيلومتر مربع، وتستمر الجهود المخلصة ليتنامى الإنجاز في ظل قيادة حكيمة ترى الآتي حداثة لافتة وهوية أصيلة، هذه المدينة لم تنشأ الآن ولا ترى مستقبلها معزولا عن هويتها التاريخية، حيث إن الرياض الواقعة شرق نجد ووسط المملكة العربية السعودية والتي عرفت قديما باسم اليمامة والتي كانت تعرف بوفرة الخير، والتي يعود أصل تسميتها هكذا الرياض لكونها رمزا للخضرة على الرغم من كونها توجد في قلب الصحراء، ترجع خضرتها لوجودها عند منعطف وادي شانفة والبقعة حسب المصادر فكانت الرياض ولا تزال جماع روضات متجاورة الجامع بينها الخضرة التي يستطاب فيها العيش.
الرياض وعلى الرغم من التحولات المناخية التي حدثت قديما وأفرزت حركة ديموغرافية نحو أماكن ودول أخرى بقيت رغم ذلك مركزا حضريا قديما وحديثا، وهذه الهجرات التي يعود بعضها للقرن الخامس قبل الميلاد لم تؤثر على مكانتها وقدرتها على استقطاب الإنسان للعيش فيها، والآن وهي تقدم نفسها كواحدة من العواصم العالمية البارزة وتحتل عديد المراكز العالمية المتقدمة في عديد المجالات الحضرية , ترفل بكونها عاصمة العز السعودي وإحدى المحطات المهمة في رؤية المملكة 2030.
يستوقفنا خطاب ولي عهد المملكة الأمين بطرح استراتيجي يعطف أمجاد المكان الماضية وهويته مع نجاحات الراهن وطموحاته لبناء رؤية متكاملة تجعل من الرياض جنة خضراء وتلك هوية تسميتها مع طموحات نهضة عمرانية غاية في التطور تستجيب لتطلعات أهلها، فالرياض التي تنتظر الإعلان الرسمي عن خطة تنميتها رؤية الرياض التي تجعل الإنسان رأسمالا رمزيا تراهن عليه الرؤية في مقدمة اهتماماتها، رياض المستقبل حيث جودة الحياة والبيئة المستدامة والخضرة الموسمة للمكان، مع تنامٍ عمراني واقتصادي رشيد زيادة على استقطاب كفاءات واستثمارات كفيلة بجعل سقف عدد سكانها يصل للمؤمل الذي تستوجبه الخطة، إضافة الى كون الرياض التي تشهد تحولات حداثية سريعة ستصبح من البلدان العشرة الأولى عالميا، وهي بهذه الخطة ستحقق مدينة الرياض في سنوات قليلة ما لم تحققه دولاً في مسارها التاريخي، وهذا يعود فعلاً للقيادة الرشيدة وأحلام الجيل الواعد من قيادتها البناءة والمتقدمة للمستقبل كدولة قوية عميقة التأثير في المشهد الجوسياسي العالمي وكرقم وازن في معادلة العالم، خاصة أن العائلة الخليجية استعادت وحدتها، زيادة على نجاح المملكة في مختلف المحطات والاستحقاقات، كل هذا وغيره جعل مكانة المملكة قطبا ملهما في التنمية الحضرية السريعة.