عادل بن حبيب القرين
على سدرة هجر يتدلى النبق وتتغنى البلابل، وتتزين الباسقات بالرطب وأنواع التمور..
وما أجمل الأفواه حينما ابتهجت بتوشيح الأحساء عاصمة للسياحة العربية، وتسجيلها ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي في «اليونسكو».
«والأحساء»، «وهجر»، «فأرض الخير» أسماء سكنت قلوب أجدادنا وأمهاتنا، وكذلك نبض أولادنا وبناتنا..
وهي محط أنظار البركة، من حقل الغوار إلى الجهة الغربية والشرقية، وكذا الشمالية والجنوبية، ومعبر أهلنا وقرابتنا في مجلس التعاون لدول الخليج العربي..
وما أجمل الأحساء بروادها الأوائل، الذين يستحقون منا الإشادة، وتدوين سيرهم بالفخر لإعمار الأرض والإنسان، أمثال:
عميد الصاغة وصناعة الخناجر: عايش الدجاني.
الحرفي بزخرفة (الجص): عبد الله الشبعان.
الحرفي بصناعة الدلال الحساوية: عباس القريني.
صانع الأكلات الشعبية والكبة: خالد الهران.
الحرفي بحياكة المشالح: حسن الرصاصي.
الخباز الشعبي للخبز (الحمر): خليل الهران.
الحرفي بالتجليد والمنافخ: طاهر العامر.
وغيرهم الكثير الكثير في حاضرة الأحساء العامرة لباقي الحرف اليدوية والفنون السمعية والبصرية والتشكيلية..
أجل، هي الأحساء بتمرها، وعطائها، وتاريخها، ورجالها..
تُهدهد الروح مع مصب الماء في جريانه، وتخيط الأرض مشلحاً بزري الذهب والفضة؛ لتسكب عطر الماضي جمالاً يتقاطر فوق تراثها..
فهلا حدثتنا يا هجر الحب والطيبة عن أولادك وأحفادك؟
فكل حبة رملٍ منك وِرد، وكل قطرة غيثٍ خرجت من قلبك تسبيحةٌ ودعاء، وكل حبة تمرٍ سقطت أنطقت جبين الأرض، وكل زرعٍ أنبتِّه قطافُ جنةٍ وعبق نقاء..
فدثّريني بجلباب «قيصريتك» العبقة برائحة الهيل والزعفران، وزمّليني بصوت ماء عيونك الهادر عذوبة في أعماق الوجدان..
فهناك عذوبة الكلمة، ورقة المعنى، وصفاء العشرة، وطيب المقام..
فباسقات الطرف من مدللات الحب الأزلي لترابك، تلك هي التي ترسم لنا ملامح الماضي على وجه المستقبل..
هي الأحساء وكفى..