د. سلطان سعد القحطاني
هذا عنوان (كتاب ذكريات ومشاهدات) للزميل العزيز والباحث الجاد، الأستاذ الدكتور، حمد بن ناصر الدُّخيل، وهو من أصل محاضرة ألقاها في نادي الأحساء الأدبي، بتاريخ 13 رجب 1437هـ، وأصدرها النادي 1442هـ. والفضل لله تعالى ثم للأخ العزيز والزميل الوفي، الفنان التشكيلي عضو النادي سابقاً، صالح بن أحمد الحربي. ولولاه لم أعلم بهذا الكتاب الرائع المفيد.
عرف الدكتور الدخيل الأحساء عن قرب، وهي لم تكن مجهولةً له من قبل، إلا أن وجوده فيها فتح له آفاقاً لو لم يكن فيها فلربما فاته الكثير دون علمه، فقد نشأ في بلدته المجمعة، شمال الرياض، ثم طالباً في الكليات والمعاهد العلمية في الرياض، وكان تخرجه وتعيينه مدرساً للغة العربية سنة 1390/1970، في المعهد العلمي في الهفوف، ويبدو من حديثه قبل أن ينتسب للدراسات العليا في الأزهر بالقاهرة أنه قد كون حصيلةً ثقافية علمية اكتسبها من خلال قرآته الحرة وتحضير نفسه لخوض معترك الحياة الأكاديمية، وهذه تجربة مررنا بها في حياتنا العلمية خلاف زملائنا الذين التحقوا بالوظائف الإدارية وحقق بعض منهم فيها طموحاته بجدارة.
تحدث الدكتور عن مرحلة من أهم مراحل النمو في المملكة، وكانت بوادرها تلوح في الأفق مع ما تعرض له كثير من أبنائها الخريجين من مصاعب في التعيين في مناطق نائية، وأنا واحد منهم. كتاب الدكتور حمد صغير الحجم جم الفائدة، وهو كتاب مذكرات تعكس كثيراً من طموحات ذلك الجيل، والدخيل ومن مثله. كان الدخيل من المحظوظين، فقد عُيِّن في منطقة حضارية متطورة قياساً بغيرها، وقد أنصف- وهو معروف بصدقه العلمي- الأحساء وذكر أنها كانت المصدر الأول، إن لم تكن الوحيدة لتصدير التمور لكل أقاليم نجد، كما أن تجار نجد عندما أجدبت تحولوا إلى الأحساء التي يعرفونها بحكم الاستيراد والتصدير، ومنهم والدي -رحمه الله- الذي خسر تجارته في نجد فهاجر بأسرته إلى الأحساء، وولدت فيها وبعض أخوتي. عرف الدكتور حمد تلك الأنواع من تمور الأحساء كالرزيزي، والخلاص والشبيبي وغيرها مما كان يجلب لسوق المجمعة مسقط رأسه، وعندما عُين مدرساً في المعهد العلمي رأى نخيل تلك العينات رأي العين. كما يذكر أنه عرف (القازgaz) الذي كان يجلب من الأحساء، والواقع أنه كان يجلب من الظهران ثم يصدر إلى نجد عن طريق الأحساء، لأن الاتصال عن طريق الأحساء، فقط، ولا طريق غيرها، كما علمت من كبار السن. وبناءً على بعض تلك المعلومات وما تلاها ذكر أن بعضاً من أهل بلدته كانوا يعملون في التعليم، ومنهم الشيخ محمد بن حسن الدريعي -رحمه الله، وأذكر أنه درسني في متوسطة عمر بن الخطاب، وكان اسمها المتوسطة الثانية، فلم يوجد في الأحساء إلا متوسطتان وثانوية واحدة، ومتوسطة نموذجية تتبع لأرامكو في ذلك الوقت. تحدث عن حي المزروعية نسبة إلى آل مزروع، ووصف الحياة على بساطتها وطيبة أهلها الذين يتعاملون مع الوافد وكأنهم يعرفونه من زمن بعيد. ذكر في الكتاب عدداً من زملائه في المعهد المذكور، وكان مديره الأستاذ حواس بن محمد الحواس، وعبد العزيز الملحم الذي زاملنا في صنعاء، ثم عُين مرشداً في إفريقيا، رحمه الله.
وللحديث بقية في الحلقة القادمة.