رقية سليمان الهويريني
لعلنا نتفق على أن العمالة الوافدة تشكّل خطراً كبيراً يهدد بلدنا من نواح عدة. ولعل أهمها البعد الأمني والاقتصادي حيث يزداد تكتل الجاليات ويكون لها منظمات خاصة بها لتسهيل دخول الأفراد بطريقة غير شرعية، وامتهان تجارة تهريب السلاح والمخدرات ومعروف ما لهذه التكتلات الاجرامية من مخاطر على المجتمع والأمن الوطني. عدا أن الغالبية العظمى - من دولٍ معروفةٍ بعينها - تبدع في ابتكار الجريمة، بحسب تصريحات الجهات الأمنية. حيث أوقفت شرطة منطقة الرياض مؤخرا، أفراد عصابة تقوم بتهريب ونقل أموال العمالة المُخالفة إلى خارج المملكة بحيل جديدة.
ومؤخرًا كشفت أجهزة رئاسة أمن الدولة ممثلةً في إدارة التحريات المالية، عن تنظيم تخصص بعمليات غسل وتبييض للأموال، من خلال متابعة تدفق حوالات بمبالغ مالية عالية مجهولة المصدر تجاوزت مائة مليون ريال عبر كيانات تجارية متنوعة غالبها نتائج تستر تجاري. هذا عدا لجوء العمالة إلى تحويل مبالغ هائلة عن طريق قنوات غير نظامية خشية اكتشاف هذه الأموال وبالتالي مساءلة أصحابها من قبل الجهات الأمنية.
ولا شك أن للعمالة الأجنبية تأثيراً اقتصادياً سلبياً ملموساً في بلدنا لدرجة أن المواطن لا يستطيع المنافسة في السوق التجارية، كما أن التحويلات المالية الخارجية بدون ضريبة تصل إلى مبالغ كبيرة لا تدخل في التدوير الاقتصادي.
ولو تأملنا بمزيد من القلق؛ لوجدنا أن كثيراً من العمالة الأجنبية في بلادنا لا تعمل في مهن تحتاج لخبرات نادرة، بل إن بعضهم صار يمتهن بيع الماء البارد عند الإشارات المرورية والمساويك عند المساجد، والتسول وتشويه الوجه الحضاري للبلد! وتجاوز الأمر ذلك، حيث تجوب العمالة الرديئة البلاد وتسكن الأطراف ووصلوا إلى أقصى القرى والأرياف، وهو تغلغل خطير من شأنه ضرب النسيج الوطني الاجتماعي، وبالتالي صعوبة التوازن السكاني.
ولعلي أجزم بأن العمالة الوافدة باتت تشكل هماً للجهازين التشريعي والتنفيذي بالدولة. مما يتطلب التروي في الاستقدام وبحث أولويات الاحتياجات الحقيقية من العمال الأجانب، ووقف منح التأشيرات للشركات والمؤسسات إلا بحسب الحاجة الفعلية، وإخضاع الوظائف جميعها لفحص دقيق، وضبط تحركاتها، وملاحقة العمالة الهاربة وتحميل سفارات بلادها مسؤولية الهروب والتخفي.