د.إبراهيم بن عبدالله المطرف
أثبتت الأيام والأحداث تعانُق وتوافق شعبنا السعودي بقيادته السياسية، وهو أمر يسعدنا جميعاً، حيث يظهرنا وبكل أطيافنا، ونحن نقف وقفة «ترفع الرأس» ونجتاز امتحان التلاحم والانتماء، بكل جدارة واقتدار.
وخير دليل على ذلك، ما صدر عن شرائح ومكونات مجتمعنا الأهلي، إبان صدور التقرير الاستخباراتي الأمريكي، وما أعلنته الإدارة الأمريكية حوله، والذي أكد موقف المواطن السعودي منه باختصار شديد، وهو أن سيادة المملكة «خط أحمر» لا يسمح المساس به البتة، وهو ما يعني أن المواطن السعودي، المتمسك بعقيدته مستمر - ولله الحمد والمنة - في ولائه وتلاحمه وترابطه، الذي يزداد يوماً بعد يوم.
وكثيراً ما «تذهل» وقفتنا الآخر، وقد أذهلت وقفتنا في زمن الربيع العربي، العالم بقياداته، وبرلمانييه، وسياسييه، ومراقبيه وكتابه، وأكاديمييه وعلماء الاجتماع فيه، فقد كان معظمهم يتوقع شيئاً مختلفاً عن تلك الوقفة، التي «دحر» بها المواطن السعودي الوفي دعاة الفتنة، وأفشل الافتراءات الباطلة، والأقلام المأجورة.
ويرى الكاتب أنه لا بد من العمل الجاد والمستمر على تعزيز ذلك التعانق والتوافق بين القيادة والمواطن، و»لمأسسة» تلاحمنا الوطني بشكل يحقق أهدافه، من خلال:
عمل مؤسسي، يعزّز روح الولاء، ويرسّخ تفاعل المواطن مع الوطن واحتياجاته، ويعمّق مبدأ وثقافة التلاحم الوطني، ويؤسس لتعاون بين مكونات المجتمع السعودي في هذا الاتجاه، وهو توجه وطني مجتمعي يحظى بالكثير من التأييد.
عمل مؤسسي، يؤكد أهمية المشاركة الأهلية في تعزيز جهود الدولة وسياساتها، الرامية إلى تقوية الوحدة الوطنية، وترسيخ روح الانتماء.
عمل مؤسسي، يفعِّل الجهود الأهلية للتوعية بقيم المسئولية الاجتماعية والتطوعية، والتلاحم الوطني لدى القطاع الأهلي بشرائحه المتعددة.
عمل مؤسسي، يشرف على كل ما يقوم به المجتمع الأهلي، من برامج ومناشط وفعاليات في مجال التلاحم الوطني، ليقوم المواطن بدوره في خدمة وطنه، بأسلوب علمي مدروس.
عمل مؤسسي، ينطلق من رؤية شاملة لدور القطاع الأهلي، من قطاع خاص وخيري ووقفي وتطوعي، ومن الحاجة إلى تعزيز الجهود التي تقوم بها سعياً لتأكيد الانتماء، وترسيخ قيمه بين القيادة والمجتمع.
عمل مؤسسي يعمل على تعبئة وحشد كافة الطاقات الوطنية، من خلال دعم كل عمل مشترك ومتواصل، جنباً إلى جنب مع عملية التنمية الوطنية الشاملة، وبمساندة من دور محوري ثقافي يغذي المجتمع الأهلي، ويوعيه بمفهوم التلاحم الوطني، للوصول إلى ترجمة عملية وتطبيق واقعي لأهدافه.
عمل مؤسسي يتعاون على تنفيذه، نخبة من السعوديين والسعوديات المعنيين والمعنيات بالجوانب الثقافية والاجتماعية، والإعلامية والتربوية، والدينية والنفسية، والمعنيين أيضاً ببناء وتربية النشء، يتعاونون جميعهم من خلال عمل وطني تطوعي، يسعى لتفعيل المشاركة المجتمعية، وبمساهمة من المؤسسات الخاصة والخيرية والتطوعية، في بناء عملية التلاحم الوطني، وفي تكامل مع التراث والجذور التاريخية للمواطن السعودي، وعاداته وتقاليده.
ويرى الكاتب أنه إذا تمت مأسسة التلاحم الوطني بشكل قريب من الوصف أعلاه، فإنه سوف يؤسس لدور متميز في عمل المؤسسات الأهلية في المملكة، وعمل مؤسسي يساندها على القيام بدور أهلي بارز، يكون مسانداً لجهود الدولة في بناء التلاحم الوطني والوحدة الوطنية.
ولا يختلف اثنان في أن هذا الجهد المؤسسي ، سيحظى بدعم مالي ومعنوي كبيرين، من لدن رموز الوطن وقياداته، ومن الشخصيات المعنوية السعودية، ومن القطاع الخاص ممثلاً بالبيوت التجارية العائلية الكبيرة، والمجموعات التجارية والصناعية والاستثمارية، وخاصة من قبل أكبر مائة شركة سعودية، وكذلك من قبل الشركات الأجنبية، التي تقوم بتنفيذ مشاريع البنية التحتية العملاقة في البلاد.
ويتوقع الكاتب أن يحظى هذا الطرح بتعاضد أهلي لا محدود ، وبحماس من القيادات السعودية الشابة، من أبنائنا وبناتنا، الذين أخذوا يتسارعون إلى المشاركات التطوعية بأنواعها المختلفة في الآونة الأخيرة.
كما يتوقع الكاتب أن تكون القيادات الشابة أول من يبارك مثل هذا النموذج المؤسسي الأهلي، وسيسعون إلى الانخراط فيه بحماس كبير، خدمة لهذا التوجه النبيل، وأنهم سيحشدون الطاقات الوطنية لإنجاح العمل وأهدافه، بتبني المناشط والملتقيات والفعاليات التثقيفية والتوعوية، التي تعنى بالانتماء والتلاحم الوطنيين.
ونختم بالقول إن المبادرة تطرح في وقت مناسب جداً، وأن الكثير من قادة الرأي والمواطنين بشكل عام، يتطلعون للمشاركة في تحقيقها، فمن أين نبدأ؟