منيف الصفوقي
«السعودية بيت العرب الكبير» تحت هذا العنوان نظمت صحيفة البلاد البحرينية منتدى للتضامن مع المملكة استنكارا لما تتعرض له من حملة معادية مست سيادتها بعد التقريرالأمريكي المجافي للحقيقة والخالي من أي معطيات أو أدلة أو براهين.
الالتفاف الخليجي حول الشقيقة الكبرى، هو حقيقة راسخة لا تحتاج إلى إعادة اختبارها، خاصة وأن المملكة ضامنة الاستقرار الخليجي والعربي، وهي صمام الأمان للمنطقة التي عصفت بها رياح العبث الخارجي، وجعلت حواضرها التاريخية ترزح تحت احتلال إيراني مقنع، أو تدور في دوامة من العنف الداخلي.
ما يستخلص في هذا المنتدى الذي بادرت إليه الزميلة صحيفة البلاد البحرينية يعيدنا مجددا إلى ضرورة أن تمكّن الصحافة المحلية من دورها، فأرباب المهنة الذين شاركوا في المنتدى لم يكونوا مجرد عابرين أدلوا برأي وانصرفوا، بل كانوا منارات فكر خبرت التحولات السياسية عن قرب، فشخصت الأزمة بحدودها، بلا مبالغات أو تهويل، ومن يستمع لمداخلاتهم، يتبين له حجم المشكلة الطبيعي، وأبعادها، والدوافع خلفا، ومآلاتها، وأوجه القصور، وسبل العلاج، وهذا كله لا يتوفر إلا بصحافة عمادها المؤسسات المسؤولة التي بنت مجدها على مدار عقود، فأخرجت لنا اليوم هذه القامات التي أدلت بدلوها، في هذا السجال، لكن بعقلانية، قالت المفيد وشخصت الواقع، وهذا ما يفتقد اليوم في فضاء مواقع التواصل، التي فتحت الباب على مصراعيه لكل متحدث، حتى بتنا نخاف أن نُحمل مسؤولية أقوال متحدثين لا صفة لهم، يقولون كلاما لمجرد المشاركة وإبداء الرأي، غير مدركين أننا في خضم حرب إعلامية مدروسة وممنهجة، توظف كل شاردة وواردة للنيل من وطننا.
الإعلام اليوم أداة حرب ناعمة، لكنها شديدة التأثير، وبالغة الأذى، ومن يظن أن إخراج الصحف من المشهد الإعلامي بحجج التطورات التقنية وتعاقب الأجيال، هو أحد اثنين، إما جاهل لا يدرك رحى الحرب الدائرة، أو قائل حق يريد به باطلا تمهيدا لطريق يستباح به الوطن.
المملكة مستهدفة، وستظل كذلك، للعديد من الأمور، فهي قائدة العالم الإسلامي، وينازعنا هذا الشرف كثير من الطامعين، وقوة اقتصادية تسير بقوة إلى تبوؤ موقعها الطبيعي عالميا، وصمام الأمان في المنطقة التي يراد لها أن تظل مشتعلة، ولهذا ستظل هذه الحرب الإعلامية مستعرة ضدها، وهذا يستدعي أن نعيد ترتيب البيت الإعلامي، وهذا لا يتم إلا بتقوية الأساس لهذا الإعلام المتمثل في الصحافة المكتوبة، التي إذا صلحت صلح بقية الإعلام، والأزمات الإعلامية التي مرت في الفترة السابقة خير شاهد على أهمية الصحافة وأنها خط الدفاع الأول، وأن التنازع بين ما يسمى الجديد والقديم، لن يفيد إلا مزيدا من التأخر، ومزيدا من الضعف والوهن في أساسات إعلامنا وهي الصحف، تسرب المزيد من المؤهلين الذين نحتاجهم لصد هذا التغول الذي يستهدف بلادنا.