عثمان بن حمد أباالخيل

حياة الإنسان في هذه الحياة مرة واحدة، وأعمارنا في متوسطها ما بين الستين والسبعين، والقليل من الناس من يتجاوز هذا العمر، العمر هو الشيء الوحيد الذي كلما زاد نقص. حياة الإنسان رحلة تبدأ منذ الولادة وتنتهي عند الوفاة، رحلة يتخلّلها الكثير من الفرح والسعادة، من الأمل من التفاؤل رحلة نصادف ونحن نمضي قدماً في أعمارنا مفاجآت لا يعلمها إلا الله. نفرح ونحزن في كلّ محطة نمرّ بها ننسى ونتناسى، نتأمل تراكمات الحياة وما يدور حولنا من تناقضات ومنغصات. أولئك الذين يظنون أن المال يشتري السعادة كم هم مخطئون، السّعادة في الصحة وراحة البال، السعادة جوهر الحياة وجوهرها كيف تنظر للحياة. هناك من الناس من يحاسب الآخر على خطأ أو مشكلة لم يرتكبها، ظاناً أنه يُريح نفسه أو يأخذ جزءاً من كرامتها، وهذا ليس عدلاً ولا إدراكاً بروح الإنسانية. قال صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤخَذُ الرَّجلُ بجِنايةِ أبيه، ولا جِنايةِ أخيه».

لا يمكن أن يُحاسبَ أحدٌ بجريرة غيره والامثلة كثيرة في مجتمعنا، لا تأخذ الولد بجريرة ابية مع انسان آخر، ولا جريرة البنت بدلاً من أمها، ولا جريرة النادي الكروي بلاعب مستهتر، ولا جريرة الأخ بأخيه، ولا جريرة مجهولي الأبوين، عالم واسع من الجرائر التي يحفل بها المجتمع العربي قديماً قبل نور الإسلام وبعده، لم يكن يأخذ أحداً بجريرة غيره، لا سيما إن كان صغيراً أو غير متعمد لما فعل، فعندهم الحلول الأفضل كالدِّية والعِوَض وغيرها مما هو متعارف عليه.

أطفال مجهولو النسب يعيشون حياة صعبة في المجتمع، مع العلم أنهم لا ذنب لهم، هم بشر مثلنا أيها الأسوياء الذين تعرفون آباءكم وأمهاتكم ويحترمكم المجتمع. هم بحاجة إلى الاندماج مع باقي شرائح المجتمع من ناحية الزواج أو الدراسة، وجميع نواحي الحياة. الدولة ممثلة في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تقدم دعماً للأسر الحاضنة للأيتام، ومن ضمنهم مجهولو النسب، وعلى سبيل المثال 2000 ريال شهرياً لمن هم دون السادسة من العمر، ثلاثة آلاف ريال شهرياً لمن هم فوق السادسة من العمر، وإعانة انتهاء فترة الكفالة مقدارها عشرون ألف ريال، وإعانة الزواج ومقدارها ستون ألف ريال، فهم مواطنون ومواطنات حسب الهوية الوطنية وجواز السفر.

هؤلاء الشريحة من المجتمع شعارهم (لا تأخذني بجريرة من لا أعرفهم) شكرًا للإنسان السعودي الذي يرعى ويحتضن الأطفال مجهولي الأبوين، شكراً للجمعيات الخيرية في احتضان الأطفال مجهولي الأبوين والحمد لله هي جمعيات منتشرة في كافة مناطق المملكة.

رسالة للمجتمع: كونوا مع هؤلاء الأطفال والذين من أصبح منهم رجالاً وفتيات لا تعرقلوا مسيرة حياة مجهول النسب، خصوصاً ما يتعلق بالزواج والحياة الاجتماعية والوظيفة. يكفيهم الشعور بأنهم ليس لهم قيمة في المجتمع ولا يتقبلهم الآخرون عند معرفتهم بأنهم مجهولو الأبوين. مجهولو النسب لهم أحكام اليتامى، حديث سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا»، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما.