أ.د.عثمان بن صالح العامر
يحاول منظرو الفكر الغربي وبعض ساسته والطابور الخامس المصفق والتابع اتهام الإسلام بأنه هضم حق المرأة وأنزلها الدون، ولست هنا في مقام المماحكة والدفاع ولكنني في مناسبة اليوم العالمي للمرأة رجعت بالذاكرة إلى مواقف بعينها تظهر بكل جلاء من هي المرأة في قاموسنا الإسلامي من خلال حياة الرسول عليه الصلاة والسلام وزوجاته رضوان الله عليهن أجمعين، ومن منا لا يذكر كيف كانت بداية الوحي بنزول جبريل عليه السلام بصورته الملائكية المهولة على محمد بن عبد الله وهو يتحنث الليالي ذوات العدد في غار حراء، الأمر الذي جعله صلى الله عليه وسلم يأتي مسرعاً فزعاً إلى زوجه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ليخبرها بهذا الحدث العظيم والغريب، لم يذهب ليفشي سره ويكشف أمره إلا لزوجه التي لعبت دوراً رئيساً في طمأنته واستجلاء الأمر له في حينه من ابن عمها ورقة بن نوفل، وهذا لون من ألوان الافضاء الذي يكون بين ركن الأسرة الأساس الزوج والزوجة كما حكاه الله سبحانه وتعالى في قوله عز وجل {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (21) سورة النساء، إفضاء يتجاوز دائرة الجسد ليصبح كل طرف للطرف الآخر عوناً له في معترك الحياة ومستشاراً أميناً وناصحاً صادقاً بكل سرية وشفافية واقتدار.
وحين صد عليه الصلاة والسلام عن الوصول للبيت الحرام من قبل كفار مكة وتم صلح الحديبية المعروف والذي كان من بين بنوده التي وقع عليها الطرفين ألا يدخل المسلمون في هذه المرة لزيارة الكعبة ويعودوا العام المقبل، وبعدما فرغوا من كتابة وثيقة الصلح طلب رسول الله من المسلمين أن ينحروا ويحلقوا ولكن لم يقم أحد منهم بذلك، وأعاد الرسول صلى الله عليه وسلم طلبه ثلاث مرات ولم يفعلوا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة التي كانت برفقته فذكر لها ما حدث من المسلمين فقالت رضي الله عنها: يا نبي الله، أتحب ذلك اخرج ولا تكلم أحداً حتى تنحر بدنك (ذبيحتك) وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج رسول الله وهو المسدد من ربه وفعل بمشورتها فما كان من المسلمين إلا أن نحروا وحلق بعضهم لبعض.
هل بعد هذا نقبل بأن توصم المرأة المسلمة بأنها مهانة مهضومة الجناح وهي كانت عبر تاريخنا الطويل وما زالت وستظل صنو الرجل، ولسنا بحاجة لمن يعلمنا حقوقها ويدرسنا واجباتنا نحوها، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام..