لكل إنسان قصة وحكاية فيها معاناة وصعوبات تختلف طبيعة البشر في التعامل وفي التعبير عنها، ومعاناة أغلب النساء مشتركة في أطرها العامّة، متعدّدة ومخصوصة في تفاصيلها، منذ زمن غابر تعاني المرأة وضعاً واحداً وأوضاعاً متعددة من جهة أخرى، واشتركت عدّة عوامل في تشكيل هذه المعاناة وفي ترسيخها.
كثير من النساء اللواتي قُدّر لهن أن يعشن حياة كريمة حرّة لا يدركن معاناة النساء اللواتي مازلن في حيّز ضيّق من العيش، لا يملكن الخيارات ولا يستطعن مواكبة تغيّرات الحياة، فيسقطن غضبهن عليهن، ويُصدرن أحكامهن الجائرة دون نظرة موضوعيّة، وقد أدّى موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) إلى تعدّد الأصوات حول هذا الموضوع ممّا أضرّ بالقضيّة الأساس أي قضيّة حقوق المرأة، فكلّ صوت يُساق وكلّ وجهة نظر تُوجد لا يُعرف مصدرها معرفة واضحة، فقد يكون طفلاً، أو ناقص عقل، وربما كان متحيّزاً ضد المرأة ومعنّفاً لأخواته، وربما كان شامتاً، وقد يكون عابثاً يبحث عن الاشتباكات الكلاميّة، كلّ هذا مسموع ويُنقل بوصفه صوتاً لقضيّة أو جزءاً منها! إن أي حوار لا يصل إلى نقطة تفاهم ولا يكون منطقياً ومعقلناً قابل لأن ينقلب إلى مواجهة عنيفة بين طرفين متطرفين.
لقد اتسعت حدود الحياة أمام النساء والمرأة في طريق قويم لتكوين ذاتها إن وعت معنى أن تكون، ووعت دورها العظيم في المجتمع سواء أكانت امرأة عاملة، أو سيّدة أعمال، أو ربة منزل، أو بين هذا وذاك، لها الحق في الاختيار ولا ينقص من شأنها شيئاً. وقد عبّرت روضة الحاج الشاعرة السودانية في يوم المرأة بقصيدة تقول فيها:
«هي امرأة مثل كلّ النساء
لهنّ على الأرضِ
حقُّ التشابه
حقُّ التطابق
في المنح والحب
قد لا يجدن
سوى أن يجدن العطاء»
للمرأة حق في اختيار طريقها، وأن تكون ما تشاء دون قولبة معيّنة ولا وصم، أن تشبه المرأة نفسها وأن تصنع طريقها المختلف عن الرجل المتشابه مع المرأة، فهي إن نجحت امرأة وليست عن مئة رجل، وهي إن كافحت امرأة شجاعة وليست بصفات رجولية تلغي ذاتها، والنص يشير لقدرة العطاء لدى النساء الممتدّة عبر الزمن بوصفها خصيصة واضحة تشكّل الملامح التكوينيّة لا تختص بها امرأة دون أخرى، ولا متعلمة دون أميّة، ولا قادرة دون عاجزة، أو غنيّة دون فقيرة.
إن المرأة اليوم قطعت مسافة للوصول إلى ذاتها، وبقي أن تقطع مسافات لتستوي الحياة بين يديها، فتدرك بوضوح معنى أن تكون امرأة.
** **
- د. هند الطويلعي