1- حين فتشوا في هاتفها بعد انتحارها وجدوا آخر محادثة لها كانت تساوم بها الأخصائي النفسي لخفض ثمن المكالمة الذي ليس بحوزتها ولا بوسعها احتمال وحدتها.
جسدوا فيلماً سينمائياً عنها حينذاك أنصت إليه الجميع!
2- يؤنبها ضميرها على ذنوب لم تقترفها، وكأنها سرقت الضمير من المذنبين!
3- لقد كانت تستخرج القطن من الدمى؛ لتملأ به فراغ حياتها!
4- بعد أن رأت استنفار أبويّ فتاة للبحث عن قاتلها بجهودهم، بعدما قيدت المحكمة ملفه ضد مجهول، تساءلت في وجع: ترى مقابل أي دية سيتنازل أهلي عن قاتلي المعترف على نفسه؟
5- وضعت قائمة مخصصة لبعض صديقاتها المقربات؛ لتنشر بها يومياتها الخاصة.
تساقطت أرقام صديقاتها مع تداول السنين، وظلت تبعث منشوراتها في القائمة المهجورة!
6- حين زاروا أهلها ليدونوا منهم تفاصيل عنها؛ لتكريمها إعلامياً بعد وفاتها، لم يجدوا لديهم ما يقولوه.
كتبوا إعلانا لكل من يعرف ثمة أشياء عن تفاصيلها.
زارهم رجل وقال: كنت غريبا في ممر، فجلست إلى جانبي وقالت: «إني وأهلي نتعرف على بعضنا من منشوراتنا في الإنترنت»!
7- لم تستطع أن تنم؛ مخافة أن أتستيقظ فتجد أن الوقت قد فات!
8- يسرف في الخيال فيما ليس له، وعلى حين غرة يشعر بالانكسار!
9- بعد آخر خيبة أحرزتها يئست، فباتت تتمنى المستحيل؛ لكي تسلي قلبها بالأحلام في أبد الانتظار!
10- يهلع من الفقد، فتخلص من كل ما يملك!
11- لقد كانت تمارس كل ما كانت تفعله بالماضي لتعيد عيشه؛ فيعود لها كل شيء به إلا عيشه!
12- جمعتها الأيام به في يوم ما عاد بالمهم لديها أن تجتمع به.
13- أثقلتها روحها من فرط ما اكتنزته من عبء السنين، فراحت تتخفف من جسدها عل وزن روحها يسقط معه، بدأت بقص شعرها، مروراً بالتبرع بأعضائها، وانتهت بالتبرع بدمها.
صار جسدها أجوف، لكنها لم تستطع المشي من روحها المثقلة!
14- أثار غرابة أحدهم احتواء فتاة لنفسها وكأنها شخصان في تعاملها الحاني مع ذاتها!
وبعد أن علم بوفاتها منتحرة، سمع من الأنباء أنها لم تلقَ احتواء في حياتها من أحد!
15- كانت من عمق وحدتها ترمي بداخلها حصاة ولا تسمع صوت قرقعته!
16- حين هجرتها صديقتها دونما سبب، لم تلتفت، قاطعة مسافات من نجاح لا تثريب عليه، ثم حين اعتلت القمة صفق الجميع، والتفت وبكت.
17- عكفت من فرط الوحدة تفتش في رسائل البريد القديمة؛ علها تجد من بينها رسالة تقرؤها بتأويل جديد يعيد كاتبها إليها، وجدت رسالة بلا اسم كتب بها صاحبها «أنا موجود معك أبداً». أرسلت له فوراً تطلبه اللقاء، فإذا بالرسالة تصل على هاتفها!
18- يستدل بالمجهول؛ خوفاً من ألم الحقيقة.
19- ولقد وقفت أرنو للسنين تمر أمامي مر السحاب، وأنا صامدة أرقبها من الخلف بلا حراك، والناس من حولي ذهاباً وإياباً، وكأن شيئاً من العمر غير محسوب!
20- كانت القاعة مدرجة، وأنا أجلس في أعلها، وصدى معلمتي يملأ جوف المكان: كان ترفع المبتدأ وتنصب الخبر.
وكنت ملتفة أرنو لحمامة تحط على طرف النافذة ثم تطير.
** **
- سراب الصبيح
sarabalwibari@gmail.com