تفضّل علينا الدكتور صالح العليويُّ بدعوةٍ لزورةِ الزلفي مع لفيفٍ من الأدباء والنقاد والبلاغيين أعضاء جمعية البلاغة والأدب السعودية، فتجاوب الشعورُ مع هذه الدعوة في قصيدة الزلفي والخُزامى:
ناجيتُ لحظكِ يا أبهى من القمرِ
سمنانُ يشهدُ من عُلوٍ لمُنحدَرِ
::
وماءُ جزْرَةَ من عينيّ منبعُهُ
بوارحُ الشوق يا زُلفي غِنا وتري
::
سجعُ الحمامةِ في جنبيكِ يا علَقَةْ
على صداها رهنتُ العينَ للسهرِ
::
وكلّما مالتِ الأغصانُ من تَرِفٍ
مالتْ إليكِ حروفٌ روحُها صوري
::
ناديتِني وعيونُ الشمس ذابلةٌ
هتافُكِ العذبُ أغرى بي إلى السفرِ
::
لبّيتُ دعوةَ ذي فضلٍ وذي أدبٍ
تدنو بيَ العِيسُ في خطوٍ على قدَرِ
::
وجئتُ يا صالحَ الإفضالِ مُرتجزاً
على البسيطِ بحرفٍ مُزهرٍ نضِرِ
::
طولُ المسافاتِ ما أوهى لذي طلبٍ
عزماً، وفي نبضهِ وعدٌ لمُنتظِرِ
::
يا عِطرَ نجدٍ سقاكِ الغيثُ مُنهمراً
صوبَ الحيا من بروقِ الثائرِ الخطرِ
::
حتى يُرى الشيحُ في خدّيكِ مُبتسماً
وباسقُ النخلِ أرخى طيّبَ الثمرِ
::
وللخُزامى على أطرافكم حُللٌ
هي البهاءُ إذا ما بانَ للنظرِ
::
وفي الثويرات روضٌ باسمٌ نَضِرٌ
واهاً لمن تاق شوقاً ثم لم يزُرِ
::
أرضٌ بها لكرامِ القومِ منتجعٌ
الجود فطرتُهم بدوٌ إلى حضَرِ
::
تاريخهم باذخٌ في عُمقِ دولتنا
المجدُ يكتبُهم في صفحةِ الظفرِ
::
راقصتُ فيهم حروفَ الشعرِ منتشياً
حتى دنا النجمُ ميّالاً إلى السمرِ
::
خذوا فؤاداً إليكم ضجَّ من قلقٍ
وقربُكم طبّهُ يا نغمةَ الوترِ
ثم إنني عُدتُ بعد ثلاثة أيامٍ قضيناها في ربوع الزلفيِّ الماتعة، فكان الوداع نبضاً تشكّل في صورة حرف
(في وداعية الزلفي)
يا عاذلَ القلبِ هل أدركتَ ما حُججي
أم غرّك الصمتُ عما ضَجّ في المُهجِ؟!
::
ألستَ تلمحُ خطْوي عند مُنصرفي
قبلَ المغيبِ، وبوحي يا عذولُ شجي؟!
::
عينايَ خالفتا دربي فمعركتي
بين التفاتي وسيري عند مُنعرجي
::
شربتُ من مائهم فانساحَ في كبدي
حبٌّ ترقرقَ، يا أضلاعُ فابتهجي
::
أصابَ سهمُ الهوى قلبي على عجلٍ
(أنا القتيلُ بلا ذنبٍ ولا حرجِ)
::
يا واديَ المرخِ حدّثْ عن فضائلهم
نسيمُ ليلك فوّاحٌ من الأرجِ
::
وابعثْ سلامي إليهم قدْرَ ما سكبتْ
شمسٌ بإشراقها للكونِ من وهجِ
::
نقِّلْ إلى سادةِ الزلفيِّ ما انفتقتْ
به القريحةُ من حرفٍ بلا عِوجِ
::
بيوتهم للندى تهتزُّ من طربٍ
يلقون زائرهم في ثوبِ مُبتهجِ
::
ما مدَّ لي شاهدُ التاريخِ صفحتَه
إلا وكانوا بها نوراً لمُدّلِجِ
::
سلِ الثميلاتِ عن مغنىً له رحلت
قوافلٌ، وقطارُ الليلِ لم يلجِ
::
تجد أبا يعرب الأمجادِ محتفلاً
كأنّما وجهُهُ قد صيغَ من سُرُجِ
::
قد كان يُعجبُنا وصفٌ له فأتتْ
فعاله فوق وصفِ العارفِ اللهِجِ
::
على جناحِ الهوى أرسلتُ قافيتي
صوتُ البلابلِ لَحْنُ المُطربِ الهزِجِ
** **
ماجد بن محمد الجهني - عضو الجمعية العمومية لأبي الشرقية - عضو جمعية الأدب السعودية