د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** ربما لا يعلم بعضُنا أنه كان أحد مسؤولي التحرير الثقافي في هذه الصحيفة، بل هو ثالثهم؛ فقد سبقه الأساتذة: محمد السّرحي وعبدالله نور وعلي العمير وتلاه الأساتذة: د.أحمد البدلي وحمد القاضي وصالح الأشقر ثم صاحبُكم، ولا ريب أن الأستاذ سعد بن عبدالله الحميدين موسوعة في التأريخ الإعلامي والثقافي في بلادنا تمنينا ونتمنى أن يفرغ لتوثيقه وتدقيقه، وكلما التقينا ذكَّرناه به فكرر وعدَه، ولم نر تنفيذه فلعله يفي به.
** بدا – من سيرته المنشورة - أنه مكث عامًا في التحرير الثقافي بصحيفة الجزيرة (1966م) ثم انتقل إلى صحيفة الرياض عام 1967م وظلَّ فيها حتى عام 2014م حيث قدّم استقالته، وعمل خلال تلك الفترة سكرتيرًا لمجلة اليمامة ومكلفًا بعمل رئيس تحرير اليمامة ومشرفًا على ملحق الرياض الثقافي، وغادر الساحة الصحفية الرسمية بدرجة مدير التحرير للشؤون الثقافية، وما يزال يكتب وينشر نثره وشعره في «الرياض»، والأهم هنا هو أنه قارئٌ جادٌ يتابع أحدث الإصدارات وتحتفظ ذاكرته بالأسماء والمسميات والمناظرات.
** التقينا قليلًا وتواصلنا أكثر غير أننا – باتفاقٍ لم نحكِ عنه فلم نتناوله أو نتداوله – أيقنا أن الصحافة الثقافية صحافة تكاملية لا تنافسية، وبالرغم مما بين المؤسستين العملاقتين (الجزيرة واليمامة) من تسابقٍ مهنيٍ مكثف فلم يُعهد بين ثقافتي الصحيفتين شقاق، ومن منبر نادي الرياض الأدبي قبل أعوامٍ بعيدة في ندوة ضمت محررين ثقافيين في بعض الصحف السعودية أكد صاحبكم أنه يسعى للتكامل الثقافي مع كل المنابر الثقافية لتكتمل اللوحة المعرفية بالإضاءات والإضافات ولا ينافس أيًا منها ولا يعنيه كم ترتيبُه بينها، ولو كان محررًا في المحليات أو الرياضة أو الفن أو السياسة لما قال هذا ولاستمرأ التنافس الشرس وسعى للموقع الأول؛ فالتزاحمُ بينها هو الأساس، كما التكامل هو الأصل في الثقافة كي تُخلص لمهامها ولا تنشغل بسواها.
** جمع الحميدين ثقافتي نجد والحجاز؛ فقد وُلد في الطائف ودرس فيها شطرًا من تعليمه، وعاش في الرياض وعمل بها، وخؤولته من عنيزة، وله امتداداتٌ أُسريةٌ في مدن ومناطق أخرى فتكونت من بيئتيه الاجتماعية والثقافية المتنوعة شخصيته اللطيفة المؤمنة بالتعدد والتجدد.
**أخلص لإبداعه الشعري فأصدر أكثر من عشرة دواوين، ولعلها تكتملُ في مجموعة واحدة، مثلما ننتظر سيرته الثقافية بصورة أخصّ؛ فالمرحلة الأولى لزمن المؤسسات الصحفية يحتاج إلى مزيد تدوين، ولأن «أبا نايف» ذو علاقاتٍ ممتدة مع معظم رموز الوطن ومثقفيه وإعلامييه فالظنُّ أنه سيسدُّ فراغًا في المحكيِّ والمرويّ.
** التحريرُ الثقافي عناءٌ وعطاء.