عبد الله الماجد
في مجمل أعمال عبد الله الناصر القصصية، وهي:
• أشباح السراب
• حصار الثلج
• سيرة نعل
• الشجرة
• المنبر (2017)
نجد أن المعادل الموضوعي يتكئ على «الأمثولة» Allegory فهو يلجأ إلى استخدام الرمز من الحيوانات والدواب والطيور، في التعبير كدلالة ومعادل عن موضوعه.
واستخدام الرموز من الحيوانات والدواب والطيور، هو من الصيغ الأدبية، التي يُطلق عليها «الأمثولة» Allegory، المجاز والمرسل، وتُطلق على القصص الرمزية التي تحمل معنى ظاهرًا سطحياً، يكشف عن معنى باطني مقصود، ويطلق التفسير الأمثولي؛ على نوع من التفسير يحرص على إقامة توازٍ بين المستوى الظاهر، والمستوى الخفي المكافئ له. (انظر: معجم مصطلحات الأدب، ج2، ص 27، مجمع اللغة العربية، القاهرة 2014).
وعبدالله الناصر، في أعماله القصصية يبتدع أنماطاً فنية من الحيل والاستعارات الساخرة، من داخل الحياة في القرية. وظف معظم مناحي الحياة في القرية لتعبر عن رؤيته الفنية. والحدث أو الموضوع في معظم قصصه، يتكئ على نماذج من الشجر والدواب والحيوانات، ونماذج بشرية لها حضورها المتفرد عن غيرها في القرية، ويوظف ذلك فنياً عبر استخدامه للعنصر «الفانتازي» مقترناً بنمط «المفارقة» بأنواعها و»الأمثولة». وهذا الاتجاه الفني، منح معظم قصصه، عنصرًا عجائبياً وأسطورياً، أفضى إلى صنع عالم قصصي مختلف، خاصاً به، محتفياً بكل جماليات القص عبر توصيل لغوي لا تعقيد فيه، وبناء في الشكل يتضامن مع المضمون، وهو في كل ذلك، لا يدعي أنه يقدم حلولاً وإجابات، على كثير من التعقيدات، وجزءًا من السؤال.
هذا الاتجاه الفني الذي ابتدعه عبدالله الناصر، أتاح له التحرك بحرية فنية، دون قيود في كل المحذورات، فقد تصبح هذه المحذورات التي يُمررها عبر رؤية داخلية، مجرد سخرية أو فكاهة فولكلورية، لكنه في معظم قصصه، عبر مستويات من المفارقة والفانتازي والأمثولة، تتشابك وتُعبر عن أنماط ومدلولات اجتماعية، سعى إلى تعرية سلبيات هذا الواقع، وإثارة التساؤل عن مدى وجاهته ومشروعيته، دون أن يتدخل في تقديم الحلول، لأن ذلك سوف يبعده عن الخطابة والتقرير والمباشرة، وهي مثالب ينفر منها العمل الفني، بل وتفسده.
وتعبر معظم قصصه مثلاً في مجموعة «سيرة نعل» (2008 طبعة ثانية) ومجموعة «المنبر» (2017) ومجموعة «الشجرة» (2011) عن هذا المنحى الفانتازي العجائبي والغرائبي حينما يتعمد اختراع شخصيات تبدو في تصرفاتها فوق ما هو طبيعي، وفي أحيان استعارات خيالية. فيثير فينا الدهشة والغرابة، ويدفعنا إلى احتمالات تبني تفسير المتخيل فوق الطبيعي نحو تلمس تفسير الطبيعي المتخفي تحت شفرات الفانتازي والعجائبي والغرائبي.
أما «المفارقة» وهي معنى لغوي بلاغي يذهب إلى معان متعددة، تعتمد على قوة التوتر بين المعنى السطحي والمعنى المضاد له، في تعبير انتقادي تهكمي، نستطيع أن نجد ذلك في قصة «جثة حمار» في مجموعة «المنبر» بينما تضعنا قصة «الثعبان» من نفس المجموعة في أسلوب «الأمثولة» وكذلك قصة «أسراب الدجاج» من نفس المجموعة، بينما نجد أسلوب «المفارقة» جلياً في قصة «الواعظ» وقصة « المنبر» وهما من القصص المتميزة أسلوباً وفناً وموضوعاً. ونجد الأسلوب والمنحى الغرائبي في قصة «الشجرة» ونجد كل ألوان هذه المعاني، أعني الأمثولة والمفارقة والفانتازي العجائبي في قصة مثل قصة «سيرة نعل» من نفس المجموعة التي تحمل نفس الاسم.
في مجموعاته القصصية الخمس التي صدرت حتى الآن، يفتح عبد الله الناصر المجال واسعاً ثرياً أمام الدارس الباحث والناقد المبدع، لمجالات متعددة من التأويل والتطبيق النقدي باتجاهاته المختلفة ومنها وأهمها المناحي البلاغية في صورها واتجاهاتها المختلفة.