حضرت قبل ثلاثة أعوامٍ مناسبة على وليمة هجرية، من قبل أهل العطاء الإنساني، مع كوكبة متنوعة من الأقمار الوجدانية، والأيادي الخيرية، لرجالات بعض الحواري الطيبة بأحساء الحب والنخيل..
حيث كان نتاجهم عالياً بالتوثيق والتواتر من أجدادهم إلى أيادي أمهاتهم، وتسابيح صلواتهم، وخوص سجاداتهم، بإحدى المزارع الجميلة في مدينة الهفوف.
كانت الأجواء باردة، والأطراف متحركة، وكأن كل سعفة من فوق رؤوسنا تناجي الأخرى، ونحن نستمع إلى تلك القصص المشوقة، خلف رداء الغيم بأيام (المربعانية).
وبعد أن حاطت القلوب حول صحون الرز المندي واللحم المشوي، تمايلت الرؤوس بسكرها لجمال الطهي، ونضارة المحيا، وطيب المقام..
على صوت رقصات فناجين القهوة، وخواصر (استكانات) الشاي المخدر فوق ذاك الحطب الملتهب، ودخانه الذي يشبه رائحة البخور.
صالت بنا الحكايا، وجالت فينا الذكريات، ما بين تلك الأعمار المتفاوتة لمزمار العم موسى وحِكم العم كاظم..
العم موسى: الله يسهل دربك يا أخي كاظم، ويوسع عليك من خيره وألطافه..
العم كاظم: وجودك بركة يا أخي موسى، وخيرك سابق علينا بالأول والتالي..
العم موسى: أفعالك الخيّرة مثل الطيب المشتعل بالحواري، فيا ليت يا (خويه) تعلم الأولاد والأحفاد سر الخير الذي أنت فيه الآن..
العم كاظم: والله (الأولين ما خلوا للتوالي شيء)، وأنت شدتهم وشمعتهم..
فهل تتذكر جدي وجدك ساعة ما كان يتحدث الأول للثاني في شمس الضحى؛ وكأنهما يكتبان إلينا وصاياهم بلطائف الحديث؟
إلى أن أنهى حديثه العم كاظم: إن خيري هذا كله، ونجاح أولادي الأطباء، وبناتي الطبيبات، والمزارع التي بحوزتي من إهداء أجر وثواب أعمالي اليومية إلى أرواح أجدادي، وأمهاتي، وجيراني، وأحبتي، وعلى وجه الخصوص لمن لم ينجب ذرية منهم، وكافة المسلمين والمسلمات.