يصادف يوم الاثنين القادم الذكرى (19) لوفاة الفنان والممثل بكر الشدي رحمه الله، ففي يوم الاثنين التاسع من شعبان 1424 هـ توفي بكر عن عمر يناهز (44 سنة) بعد معاناة وصراع مع مرض السرطان، ويعتبر بكر أول فنان ممثل سعودي وخليجي حصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه في الأدب المسرحي، لم يكن يهدف بكر بشهادته العليا الحصول على منصب رفيع ، بقدر ما كان يهدف إلى أن يقدم صورة مشرقة ومشرفة تعكس واقع الفنان السعودي داخل وخارج وطنه، فقبل دراسته العليا بالخارج تلقى تعليمه الجامعي بجامعة الملك سعود بالرياض بكلية الآداب لغة إنجليزي، حيث ظهرت موهبته وبرز نجمه فنياً على خشبة مسرح جامعة الملك سعود ثم مسرح جمعية الثقافة والفنون. رحل هذا الفنان الاستثنائي بعد أن ترك بصمات خالدة لا يمكن أن تمحي من ذاكرة الجمهوره محلياً وخليجياً وعربياً، بفضل ما قدمه من أعمال متميزة على مدار سنواته الفنية العشرين، إنه وبلا شك أحد أهم عمالقة الدراما السعودية ورمز من رموز الحركة الفنية، وكثيراً مثلنا خير تمثيل في المهرجانات والمحافل العربية التي شارك فيه، وتقديراً لمسيرته الفنية الناجحة، أطلقت هيئة الترفيه اسمه على المسرح الذي تقام عليه المسرحيات المحلية والعربية خلال مواسم الرياض العام الماضي، لكن ما الذي حدث يوم وفاة بكر؟ وتحديداً وقت صلاة العصر في مسجد الراجحي بالربوة؟ وأيضاً وقت دفنه بمقبرة النسيم بالرياض؟ كشاهد عيان حدث تأخر للصلاة ما يقارب 40 دقيقة، فبعد الأذان مباشرة وقف داعية في بدايات شهرته وعنفوان صحوته، وأخذ الميكرفون متحدثاً عن الموت وعذاب القبر والنار، مذكراً بموت المغني طلال مداح على مسرح المفتاحة بأبها وهو محتضناً عوده، كذلك تطرق هذا الداعية إلى موت الفنانين وسوء خاتمتهم قائلاً: حكى لي أحد الثقاة أن الفقيد (يقصد بكر) كان نادماً في أيامه الأخيرة على تاريخه الفني وأنه مات تائباً وكان يريد أن يكتب رسالة بخط يده موجهة إلى الشباب يحثهم فيها على الابتعاد عن الفن والتمثيل ولكن ظروفه الصحية لم تسمح له بذلك (زوجة بكر الشدي نفت كلام وادعاء الداعية فيما بعد لأحد الصحف)، وفي المقبرة ظهر فجأة للجميع رجل عليه مظاهر التشدد، حيث آثر بصوته المجلجل بألا تمر مراسم الدفن بسلام والدعاء للفقيد، حيث تعمد المتشدد من خلال إطلاق عبارات تتوعد الفنانين زملاء بكر الذين حضروا بالمصير نفسه مشيراً إلى القبر!! معتبراً أن التمثيلورة من صور الفساد في المجتمع، فبدت الأصوات تعلو عليه، وكادت الأيدي تتشابك بينه والمتشددين معه وبين زملاء بكر وأصدقائه!! لكن رحمة الله غطت ما حدث وذهب الجمع لحال سبيله! ونحن اليوم وفي العام 2022 بعد 19 عاماً على رحيل هذا الفنان الاستثنائي في علمه وفنه وأخلاقه، نرى بعد موته أنه ما زال حياً خالد الذكر، بينما من وقف على جسده الطاهر في المسجد وفي المقبرة تحت مسمى داعية، هو الآن في صفحة النسيان لا يذكره أحد من كل سكان البلد.
** **
- مشعل الرَّشيد