بمادة صاحبنا.. التي تلوّح من على كُثب صحيفتنا الجزيرة، وأخصّ مادته بالعدد، وثيرٍ عن القرآن بما تسلب الألباب (.. معجزة الإسلام «كتابٌ» يُقرأ، ويُعلِّم، ويُربّي، ويُنقّي.
عجبي لو أن هذه الأمّة ليس بين يديها كتاب، كيف تكون في ظل هذا التدفّق المعرفي؟
إنه الخيط الذي يعود بقاربك كلما شطت به الأمواج، ولهذا صار.. حجّة لك أو عليك)..
لا أجد فيما أوتيت من مُثل في بياني تصيغ ما يوازي دلالتها..
فهي على موجزها شارحة ذاتها، متناسقةً أطرافها، مكتملة المبنى.. أدّت المعنى بما لا حاجة لجلاء، ولا وجهاً لتزويق.
كذا عرفنا (الدكتور حسن الهويمل).. فاغترفن من منهله بلا توجّس فهو القامة في العطاء نسأل الله أن يبارك له بالعمر ويبارك لنا بما أوتي من جلال قدر بالنثر.. الذي لا حاجة لعروض الخليل لكي يحادي أخيلتنا، والطرب الذي أودع صياغته، فهو لا يقف على المعلومة، بل يطيّبها مما أوتي من سلاسة ممزوجةً بـ(جماع) معاني.
وقد كان بغنى أن يتكلّف، فـ(ليس على المعرب أن يطرب)..، ولكن من حوى وعيه حتى رفعته همّته لمصاف ثلّة عساها تكثر بيننا، أعني من أثنى عليهم حديث (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) صدق سيدي -نبي الرحمة- عليه الصلاة والسلام، الذي علّمنا عملاً وقولاً بما أبلاه في سبيل الدعوة، حتى أن ربّه خفف عنه وطء ما يلقى فلعلك باخع نفسك.. -باخع مهلك-، وقال إنك لا تهدي من أحببت.. ، ونصوص دلت على جهاده لإبلاغ الدين بأعظم وجوه الإتقان، موجزاً بالآية لقد كان لكم في رسول الله أسوة ليست معتادة، بل (حسنة).. بحق من أطراه ربّه بوجه الكمال والتمام ثناء {وإنك لعلى خُلق عظيم}، فالكل ينظر لذاك كـ(نبراس)، يستقطب أولى الجهد والبذل ليحاكوه، بالذات ثلّةً منّا يحدوها أملاً أن تبلغ (ولو) جزئية مما كان عليه.. عليه من ربّه الصلاة والسلام.
لأُخبر عن تلك النوعية التي تنبئ أعمالهم أنهم أعربوا (وأطربوا..) مما لا أتمادى بما أقول.. بل أُهادي إعجابي فحسب، مخافة أن يزري ببياني إن قلت عن كثّة مما في أبعاد ما تحمل من دلالات جملته التي أزهت ألفاظه، لأنها عن كتاب الله ما تأخذ بالألباب.
ألا أن وادي الجذع أمسى ترابه
من المسك كافوراً وأعواده رندا
وما ذاك إلا أن هندا عشيّةً
تمشّت، وجرت في جوانبه بُردا
وهذا الحقيق منطقاً بأثر يتبع كل من طرّز مادته حمداً بكتاب ربه..
وعلى رويّ ما أفضيت يُفهم
كذَا إِذَا ابْيضَّ إِيناعُ الحَيَاةِ عَلَى
وجْهِ الأَديبِ أَضَاءَ الفِكْرُ وَالأَدَبُ
فلا أجد فيما أوتيت إزاء ما ينشره (.. كل ثلاثاء)، وقد ذكرني بملمح لمصطفى العقاد.. مع ملمس طفيف.. بدون مادته..
لا كنت يا عدد الثلاثاء..!
إذ لا أجد ما أحسب بأدواتي لتأثيره بي وأندادي.. موازياً، فشيخ النثر، لأن أبا أحمد ممن أبيض جوانب مفرقيه حتى بفضل الله عليه، وكرمه.. بلغ ذاك العطاء فأفاض بذاته ليضيء لحوارييه بما يشبع نهمهم (مما جمع شمل تحبيراته) لهم.. ما لا يجدوه لو أغرقوا بأمهات الكُتب، وأجزلوا.. في إمعان - إدمان - ما بين سطورها.
لأنه -ما شاء الله- صاد لنا درّ تلكم بعد حقب غاص بها في لجج تلكم، وهو سادراً لا يلوي على ما سبر في بيدها آساً، ولا تأسفاً.
وهذا العهد بمن عاهد نفسه خلف جلائل تعززت على الكل، سوى نزر ممن استنبط بطائنها، بل ذاق حلو العيش ومرّه قبل استخراج مكنون كنوزها.
فشكراً لله ثم له من شيخ الأدب وصفيّ اللب، ونقيّ الإرب.
والشكر موصول للجزيرة التي استقطبت مثل هذا القامة، (سراجاً) ينير حلكة الساري.