د.محمد حسين القحطاني
الملاعب شغف
هو الحب الذي اخترناه بعاطفتنا، عاطفة لا تقبل النقد، أخرجتنا لمنافسة غير شريفة. يحدث هذا ويحدث كثيرًا.. إنه التعصب الرياضي.
نرى ونسمع تلك الإساءات اللفظية بين فريق وآخر، سواء في المدرجات أو على مواقع التواصل الاجتماعي.
جميلة تلك القصائد والأناشيد التي تهتف وتغني للفريق الأقرب للقلب حينما يفوز، وسيئة بعضها للفريق الذي خسر المباراة.
الأسوأ من ذلك حينما تتحول تلك الإساءة لحقد دفين، تنتج عنه سلوكيات خاطئة لرد فعل خاطئ.
إنها كرة القدم وما تفعل!
من واقع ملموس في حياتنا العادية، تتدخل فيه بعض العادات والتقاليد المجتمعية نتيجة العلاقة المؤثرة بين الطرفين (الرياضة والمجتمع). فالرياضة بوجهها الجميل وسيلة مهمة لترفيه المجتمع، والبناء الجسدي والعقلي والاجتماعي. والأسرة لبنة المجتمع أولاً.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا:
كيف لإخوة في بيت يسود الخصام بينهم لأجل خسارة أو ربح لمن يفوز فريقه؟! وكيف لأصدقاء تفرقوا لأجل السبب نفسه؟! ما نجده اليوم في المملكة العربية السعودية هو أقل بكثير من المجتمعات الأخرى التي وصلت إلى حد العنف.
والسؤال الآخر: ما الذي يغذي التعصب الرياضي؟
إن لوسائل الإعلام التي تنحاز لفريق معين دورًا في خلق التعصب، واعتراضات اللاعبين على الحكام لها دور أيضًا بإثارة التعصب الرياضي. والمغذي الآخر لتلك المشكلة هو شبكات التواصل الاجتماعي، ومنها تويتر، التي طالما تضلل الحقيقة بحسابات وهمية وأسماء مستعارة، تسيء لكرتنا السعودية، ولكن الإعلام وبوسائله المختلفة قد يكون الأكثر سببًا في إثارة التعصب الرياضي؛ فالبرامج الحوارية التي تبث من خلال الفضائيات تحمل في طياتها نقاشات وتحاليل تسبب الاستفزاز للآخرين، أو تسيء للفريق الفائز.. إلا أننا اليوم، وبفضل الله، نجتاز هذه الآفة الضارة، بالتعاون مع وزارة الثقافة ووزارة الإعلام، اللتين تعملان على هذه المشكلة من خلال تقديم برامج تعزز اللحمة الوطنية بين أفراد المجتمع، وتعمل على نبذ التفرقة والانقسام بين الشباب، ووضع حد لكل طرح مختلف للمحتوى الإعلامي، بما فيه البعد عن جميع السجالات الإعلامية التي تثير التعصب الرياضي، مع التأكيد على حرية النقد البنّاء دون الإساءة للفريق الآخر، وتعزيز السلوك الرياضي، مع مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية للجمهور، وبث روح التسامح في مجتمعنا الذي يعي هذه الروح جيدًا.
البقاء للمنتصر لا وجود له في مجتمعنا، والخصام بين الأحبة لأجل فريق أو نادٍ لإمكان له بيننا.
أخيرًا
كل منا يصافح الآخر، ولا مكان للتعصب بكل أنواعه.