ميسون أبو بكر
«سلامتك.. سلامتك.. نود لك سلامتك».. جيلي يتذكر هذه العبارة جيداً، فقد كانت ديدننا في زمن البرامج الهادفة ذات المحتوى، والتي تحضر معها سلامة رب العائلة من الحوادث المرورية، لذلك وأنا التي كنت أترقب وصول والدي من العمل، أدرك كم هي مخاطر الطرق وعدد الحوادث يومياً والتي أتابعها في الصحف، وكتبت عنها حين انعقاد مؤتمر المرور في الرياض.
اليوم آثرت أن أكتب مقالي كخطاب لسعادة اللواء محمد البسامي، على مرأى القراء، فأنا متأكدة أن لدى الكثير منهم ذات هواجسي وآمالي ومعاناتي أيضاً، ومن خلال لقاءاتي بالصديقات ونقاشي سواء في العالم الافتراضي أو الواقعي، ومتابعتي لتغريدات النساء اللاتي قدن المركبة مؤخراً آثرت أن أشرك قرائي الكتابة له.
«الرؤية» سيدة المنجزات الوطنية، وقطاع المرور جزء لا يتجزأ منها، وجدنا الكثير من العمل والتحديث والأنظمة التي وضعت لتتماهى مع روح المدن الجديدة في المملكة، والمرور هو العصب الرئيس حيث يعتبر سلامة وأمن البشر سواء الراكب أو الماشي في هذه البلاد الناهضة بإنسانها وإمكانياتها، وكم هي سعادتي كسائقة أن أشعر بالأمان في ظل أنظمة تضمن سلامتي في الطريق، وكذلك رقابة آنية لشوارع المملكة على شاشات كبيرة اطلعنا عليها كإعلاميين يتابعها المدير العام للمرور السعودي من مكتبه، وكذلك الحضور الكثيف لرجال المرور الذين أوجه لهم تحية في تعاملهم ومتابعتهم، إذ يعتبرون مرآة عاكسة لقائدهم وجهده الحثيث للنهضة بهذا القطاع المهم.
إن تحدثت عن الإنجازات المرورية في مدينة كالرياض على سبيل المثال التي تقطعها مئات الكيلومترات وتصلها بمحافظاتها فلن أنتهي، وقد تحدثت في وقت سابق عن دور المرور السعودي في قيادة المرأة وهي آثار نستطيع اليوم بعد ثلاث سنوات أن نلمسها سواء في الشوارع أو المدارس السعودية للقيادة التي تنتشر في أنحاء المملكة.
اليوم أنا سعيدة جدا بالمخالفات التي نصها المرور مؤخرا وعلمي بآخرها وهو مخالفة القيادة على أكتاف الطريق وتجاوز المركبات التي تسبق المخالف أو الخطوط التي تمنع القيادة فيها، وأتمنى كما غيري أن تكون الرقابة مشددة على المخالفين أياً كانت مخالفاتهم، كالوقوف في المكان الخطأ مما يربك السيارات ويجعل الرؤية صعبة على المركبات مما قد يتسبب بحوادث، كذلك إعادة النظر في الرخص التي أعطيت للسائق العامل في المنازل، لما نجده من استهتار أو جهل في القيادة، وربما سنجد بعد نشر هذا المقال تعليقات تعزز ما ذكرت وتضيف إليها.
عدم الالتزام بالتعليمات الواضحة والموضوعة على طرفي الشارع عن جهل وإصرار على الخطأ يزيد الأمر تعقيداً.
ففي أوروبا كمثال يلتزم سائق المركبة بالإشارات المرورية وإشارات المشاة والسرعة المحددة واستخدام إشارات السيارة الممكنة؛ لتسهل على السائقين حوله وتنبئهم بحركته، ورغم أن المخالفات المالية ليست كبيرة إلا أنها كافية لإلزام السائق بمسؤولية اجتماعية وأخلاقية، فكيف نصل إلى هذه الدرجة من المسؤولية والتي تجعل من القيادة أمراً ممتعاً وليس مخاطرة متعبة؟
قبل أيام أردت دخول الشارع الفرعي المؤدي لمنزلي وإذ بسائق آسيوي وضع مركبته في خط موازٍ لمواقف على كتف الطريق الأيمن؛ مما أغلق مساري وأربك حركة المرور كاملة وهو -منسدح - على الكرسي وأكرمكم الله قدمه في مواجهة النافذة بانتظار المرأة تنهي زيارتها في ذات المبنى الذي أسكنه، وحين طلبت منه تحريك السيارة وكنت تجنبت استعمال -بوري - السيارة امتنع بحجة لا وجود لمواقف.
هذا الاستهتار يتكرر من أشخاص لا يوجد لديهم انتماء للمكان الذي يعيشون فيه، ويصعبون الأمر على سائقين آخرين.
بالإضافة لكل ما وضع للحد من ارتكاب المخالفات والأخطاء المرورية، وبالتالي الأعداد الهائلة في الوفيات والإعاقات الجسدية التي ترهق الكادر الصحي في وطننا، هل نحن بحاجة لمراكز تأهيل للأفراد في المجتمع تجعل من الفرد أكثر انتماء للمكان ومسؤولية للإنسان الذي يقتسم معه الطرق والحياة؟
لسعادة البسامي مع التحية.. هل هناك نية لإعطاء رخصة كفاءة للشخص كما رخص القيادة؟ أقول قولي هذا وأدعو الله أن يعينكم، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، فالشكر والتقدير للجهود الحثيثة التي أشعر بها كلما قدت مركبتي في شوارع الرياض ومع آلاف من ثقافات ومشارب متعددة.