هذه الليلةُ.. لا كالبارحةْ
بردُها القارسُ يشوي الرائحةْ.
عاكفٌ كلٌّ على شمعته
وأنا ذاهبةٌ بي رائحةْ.
ليس في الحجرة غيري، لهفةٌ
قربَ مرآتي ، كثكلى نائحةْ.
كُلَّما أسقيتُها وجهيَ لم
تزدردْ إلا البقايا المالحةْ.
أتحرَّى بعضيَ الضائعَ في
بعضه الناسي ، وروحي النازحةْ.
وعلى هامش ليلي دمعةٌ
تتكي بي خلف ذكرى جارحةْ.
جِدُّها يصهرني في ثلجها
وسماها كالصحاري الكالحةْ.
أيها الليل الذي يجتاحني
ردَّ لي طعم الأغاني الجامحةْ.
جامدٌ أنت كَوِزْرِي ، رعشةٌ
طَفِقَتْ تنهشُني ، كالجائحةْ.
كلما فتَّشْتُ أشلائي التي
بعثرَتْها الأمسياتُ الجانحةْ.
عن ثوانيَّ الدفيئات ، وما
خَبَّأَتْ لي في الحنايا المانحةْ.
باغَتَتْني هدأةٌ عاصفةٌ
خَلَّبَتْ فأل الأماني الطامحةْ.
كل ذنبي أنت ، فاقبلني إذا
قارَفَتْ عُذري العيونُ الناضحةْ.
** **
جبران محمد قحل - المحامل