الإرهاب الحوثي البحري
الإرهاب الحوثيُّ البحريُّ جزءٌ من الإرهاب العام الذي يُمارسُه الحوثي، وقد تعددت إرهاباتُه وتنوعت في البر والبحر والجو، غير مُبال بجريمة ما يقترف. ولم تقتصر جرائمه المتوحشة وإرهابه البشع على البر، فوق الأرض فقط؛ بل تعدى ذلك إلى البحر، والذي فاقم من الأزمات الإنسانية المتعددة على طول اليمن وعرضه.
تعريف الإرهاب البحري
الإرهاب البحري من المصطلحات المعاصرة والجديدة الذي جاءت مع تزايد العمليات الإرهابية البحرية، وتطور نمط عدوانها، كما سنرى..
«الإرهاب البحري هو ممارسة أفعال وأنشطة إرهابية في البيئة البحرية، بحيث يتم استخدام أو استهداف سفن أو منصات ثابتة في البحر أو المواني، أو استهداف أي من ركابها، أو طواقمها، أو استهداف مرافق، أو مبانٍ ساحلية، بما في ذلك المنتجعات السياحية، ومناطق الموانئ والبلدات، أو المدن الساحلية».(1)
ويعرفه آخرون باقول: «الاستخدام المنهجي أو التهديد باستخدام العنف ضدّ الملاحة الدولية والبحرية الدولية، من قبل فرد أو جماعة، لإثارة الخوف ولترهيب سكانٍ مدنيّين من أجل تحقيق طموحات أو أهداف سياسية».(2)
أنواع الإرهاب البحري
تحدد موسوعة السياسة البحرية العالمية أربعة أشكال مختلفة من الإرهاب البحري، بناءً على معايير استخدام الفضاء البحري واختيار الأهداف، مع فحص تاريخها الحديث والإشارة إلى بعض الحوادث المميزة.
النوع الأول.. استخدام الفضاء البحري كوسيلة يمكن من خلالها شن هجمات إرهابية ضد أهداف برية. ومن الأمثلة على مثل هذا النوع من الهجمات، تفجيرات مومباي التي وقعت في 26 نوفمبر 2008 عندما نزل عشرة إرهابيين في زوارق سريعة قابلة للنفخ في الميناء ونفذوا سلسلة من 12 هجومًا منسقًا.
النوع الثاني.. يمكن أن يشمل استخدام السفن لدعم بناء قدرات الجماعات الإرهابية.
النوع الثالث.. يشمل اختطاف السفن المبحرة وأخذ ركابها كرهائن من قبل الإرهابيين من أجل التفاوض وتحقيق أهدافهم السياسية.
النوع الرابع.. وربما الأكثر وضوحاً، ينطوي على هجمات إرهابية ضد أهداف بحرية ذات قيمة عالية، والتي يمكن أن يدل تدميرها على محاولة لتحدي هيمنة القوى العظمى وهيمنتها ومن خلالها التصور الغربي للحياة.
وقع الحادثان الأكثر أهمية لهذا النوع من الإرهاب البحري قبالة اليمن في عامي 2000 و2002 على التوالي. بتعبير أدق، في 12 أكتوبر 2000، تعرضت مدمرة الصواريخ الموجهة الأمريكية «كول» لهجوم انتحاري بزورق صغيرٍ، محملٍ بالمتفجرات في ميناء عدن، أسفر الهجوم عن 17 قتيلاً و39 جريحًا، لكن إلى جانب العدد الكبير من القتلى، كانت هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها رمز للقوة العسكرية الأمريكية لهذه الضربة غير المسبوقة في البحر من قبل مجموعة إرهابية.(3)
ويختلفُ الإرهاب البحري عن مفهوم العدوان البحري حيث تقع الثانية ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي لدولة من الدول وأطرافها، بينما تقع جريمة الإرهاب ضد سلامة الأشخاص وممتلكاتهم وحقوقهم، وحرياتهم الأساسية وأطرافها لا يكونون إلا أفراداً ومنظمات إرهابية أو عصابات الجرائم المنظمة.(4)
الإرهاب الحوثي في البحر
مارَسَ الحوثيُّ إرهابه البحريَّ الذي انعكس كوارث مرعبة على حياة اليمنيين وغير اليمنيين؛ إذ استخدم البحر في التهريب والقرصنة منذ 2014م وإلى اليوم، فقد نشطت التجارة الممنوعة والتهريب والمخدرات والاتجار بالبشر وتهريب السلاح، في الجزر اليمنية المتاخمة للجزر الأرتيرية، ومثلت ميدي تحديداً نقطة الانطلاق؛ لذا استمات عليها الحوثيون في الحرب الدائرة بينهم وبين الشرعية.
من ناحية ثانية مثلت إيران من خلال وجودها في الجزر الأرتيرية(5) السند الخفي من خلال تدريب عناصر جماعة الحوثي، وأيضًا دعمهم بالمال والسلاح من خلال جزيرتي ميدي وكمران. وكما تمثل لهم سندًا في الدعم اللوجيستي والإسناد، فإنهم قد تمثل لهم مأوى وملاذًا آمناً في حالة الهروب والتخفي إذا ما تمت المطالبة بهم من قبل الدولة.
وفي واحدة من ألاعيبها السياسية عملت إيران من سنوات طويلة على إيهام حكام أثيوبيا وأرتيريا أن بينهم نسبًا وصهرًا منذ هجرة «آل البيت» الأوائل بزعامة جعفر بن أبي طالب إلى الملك الحبشي «أصيحمة»، وبالتالي فلا بد من عودة هذه العلاقة بين آل البيت وشعب التجراي في أثيوبيا، وهو الشعب/ الإقليم الذي يعتبر نفسه من سلالة الملك النجاشي «أصيحمة».
اللعبة نفسها أيضاً استغلتها إسرائيل، فهي تعتبر أسرة الملك السابق هيلاسلاسي من سلالة «منليك» بن سليمان - وهو وفقاً لمعتقدهم - الابن غير الشرعي للملك سليمان من بلقيس الملكة اليمنية، حسبما يحكي كتاب «الشيطان والعرش» ويحتفظون هم أيضاً بهذا النسب في سجل مجد الملوك.
لهذا تستأجر إيران ثلاث جزر في أرتيريا، وبمقابلها تستأجر إسرائيل أيضاً ثلاث جزر أخرى، وجميعها مقابلة للسواحل اليمنية التي تقع تحت رقابتها بأجهزتها المتطورة وأسلحتها.(6)
وعلى الرغم من العلاقات التاريخية اليمنية الحبشية الأصيلة التي ترجع إلى ما قبل الإسلام إلا أننا لم نستطع الاستفادة منها، في الوقت الذي استطاعت إيران وإسرائيل صناعة أساطير والاستفادة منها.
منذ عام 2015م نشرت الميليشيات الحوثية مئات الألغام البحرية في المياه اليمنية بالبحر الأحمر، وانجرفت العشرات منها مسافة 90 كيلومترًا بين جزر «حنيش» ومضيق «باب المندب» و»خليج عدن». ويذهب الخبراء إلى أن الألغام البدائية التي ينشرها الحوثيون ومصنعة بعيوب تجعلها لا ترسو مكانها، وذات «خطر محقق» على خطوط الاتصالات البحرية والملاحة، ويمكن أن تظلَّ عائمة في البحر الأحمر حال عدم اكتشافها من 6 إلى 10 سنوات. هذه الألغام البحرية المتطورة نقلتها إيران إلى البلاد قِطعًا صغيرة حتى يصعبَ اكتشاف مصدرها، ويسهل تهريبها، فيما النوع البدائي معبأة ومجمعة محليًا؛ لكن بمواد وخبرات إيرانية. وهي تشكل عائقًا كبيرًا أمام وصول سفن المساعدات الإنسانية إلى ميناء الحديدة.(7) ناهيك عن مقتل وإصابة عشرات الصيادين اليمنيين في البحر من الألغام الحوثية الطافية التي ترتطم بها زوارق وسفن الصيد.
ووفقًا لتقرير منظمة سام للحقوق والحريات: تأثرت الشعاب المرجانية والأسماك في البحر الأحمر، بسبب زراعة الألغام البحرية.(8)
ووفقًا لتقرير مجلس الأمن للعام 2016م، ذكر أن فريق التحقيق في عمليات الضبط البحري «حدد الفريق 2064 سلاحًا يُمكن أن تُنسب مباشرة إلى جهة تصنيع إيرانية، أو أن تكون ذات منشأ إيراني».(9)
أما تقرير مجلس الأمن للعام 2018م فقد ذكر ما نصه: «في عام 2018م ظل مستوى التهديد المحدق بالأمن البحري في البحر الأحمر عالياً جداً، وعلى الرغم من أن العدد الإجمالي للحوادث لم يكن أعلى مما كان عليه في العام السابق فقد ازداد الخطر على النقل البحري التجاري، مع استخدام قوات الحوثيين منظومات أسلحة تتطور بشكل متزايد، لمهاجمة ناقلات النفط التي ترفع علم المملكة العربية السعودية»(10)، وسرد التقرير جملة من الوقائع الإرهابية التي نفذها الحوثي.
ويفرض الحوثي إرهابه على العديد من الموانئ اليمنية، وأهمها ميناء الحديدة الذي يستخدمه للتهريب ولجباية الأموال، وللسيطرة على السفن التي تمر منه وإليه.
الألغام الأرضية.. كمين الموت
تفننت ميليشياتُ الحوثي الإرهابيّة في جلبِ كل أنواع الموت لليمنيين، ولم تكتف بنوع واحد فقط، ومن بين ذلك الألغام الأرضية التي زرعتها الجماعة في المزارع والبيوت والطرقات والمنشآت العامة، إضافة إلى الألغام البحرية. علما أن الألغام اختفت من أغلب دول العالم، ولم تعد موجودة إلا لدى جماعة «طالبان» الأفغانية، وجماعة الحوثي فقط التي تفوقها في العدد، كما تفوقها في الخِبرة، والخُبرة. حيث زرعت أكثر من مليون لغم، في المناطق التي تسيطر عليها.
تشير التقديرات أن ميليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران، زرعت أكثر من مليون لغم أرضي، في المناطق التي تسيطر عليها، تسببت في مقتل وجرج آلاف المواطنين بينهم نساء وأطفال. ورثت الميليشيات من مخازن الدولة سابقاً ما يزيدُ عن 400 ألف لغم، فيما صنعت أضعافها أخيراً، بمساعدة خبراء إيرانيين.
وحتى منتصف العام 2020م انتزع مركز الملك سلمان أكثر من 167 ألف لغم وقذيفة، كلفت أكثر من 31 مليون دولار. عبر فرق متخصصة عدة من العرب والأجانب، بلغت 32 فريقًا، وخمس فرقٍ أخرى للتدخل السريع. ذهب من هؤلاء الفرق العاملة 21 شهيدًا، فيهم خمسة من الأجانب، بعد أن بلغت المساحة الإجمالية التي تم تطهيرها من الألغام نحو 10 ملايين و648 ألفًا و279 مترًا مربعًا. وتتصدر محافظة تعز المرتبة الأولى في عدد الألغام وضحاياها.
علمًا أن الألغام الحوثية قد حصدت أكثر من عشرة آلاف ضحية يمنية، يمثل الأطفال والنساء الغالبية من هذه الضحايا، وأيضًا أصحاب الحرف العادية، كالصيادين والمزارعين. تم زرع هذه الألغام في الأراضي والمدارس والبيوت والآبار، وقد تعمدت الميليشيات إخفاءها بطرق عدة.
وبفعل هذه الكارثة وحدها تتصدر اليمن الدولة الأولى على مستوى العالم في حوادث انفجار الألغام، حيث لا تزال تمثل تهديدًا مستقبلياً لعشرات السنوات القادمة، وذلك لعشوائية زرع هذه الألغام، ليس في البَر فقط؛ بل وفي البحر.
وبحسب تقارير سابقة للأمم المتحدة فإن عدد ضحايا الألغام الأرضية من الأطفال، والموثقة في تقرير الأمين العام قد بلغت 728 ضحية. 149 قتيلاً، منها 123 فتى، و26 فتاة. و579 جريحًا، منها: 478 فتى، و101 فتاة. من 2013 إلى 2018م.
الطفلُ اليمنيُّ ضحيةُ الإرهاب الحوثي بصورةٍ مباشرةٍ وغيرِ مباشرة، فهو ضحية بصورةٍ مباشرةٍ إما لأنه قتيلٌ أو مصابٌ أو جريحٌ. وهو ضحية بصورة غير مباشرة لكونه فقدَ في الحربِ أباه أو أخاه الأكبر الذي يعوله، كون الأطفال يعتمدون على أولياء أمورهم في العيش، وإما لأنه أجبر على التشرد فتعرض للأمراض وظروف التشرد القاسية، وإما لأنه افتقد طبيبه الذي قتله الحوثي، وإما لأنه أصبح بلا مدرسة بعد أن قصفها الحوثي، أو بلا مدرس بعد أن اعتقله الحوثي أو قتله. وهو ضحية أمراض نقص التغذية، لأن والده لم يجد عملاً فيطعمه منه، أو يوفر له الحد الأدنى من متطلبات المعيشة. وهو ضحية الرهاب النفسي اليومي الذي يعيشه بين قصف المدفعيات والمقذوفات والقناصة والألغام. وهكذا تتبدى الجريمة مركّبة متداخلة، ويبدو الحوثي مجرم حرب وإرهابيًا بشعًا.
الحوثيون.. إرهاب مجتمعي متعدد
كالوباء القاتل الذي يستشري في كل تفاصيل الحياة عمّ الإرهاب الحوثيُّ مناحي الحياة المجتمعية كافة العامة والخاصة، فتضرر من هذا الإرهاب حتى الحيوانات، بل والطبيعة، ناهيك عن الإنسان: شيخًا، شابًا، طفلاً، امرأة. الجميع عمَّهم إرهاب الحوثي بلا استثناء. قتل، اعتقال، تشريد، تجويع، تخويف، تجهيل، إفقار، قمع، أحصى على الناس أنفاسهم في حرياتهم العامة والخاصة. همجية لم تصل إلى مستواها لا القاعدة أو داعش، وسيظل اليمنيون يدفعون تكاليف هذا الوباء سنوات قادمة.
نفذوا حملات ميدانية واسعة، أغلقوا فيها محلات بيع التسجيلات الغنائية والأفلام، واستبدلوها بتسجيلات وأفلام دينية وقتالية. ومنعوا خروج النساء كاشفات وجوههن، وحاصروا كثيراً من الأنشطة المدنية التي يختلط فيها الرجال والنساء؛ بحجة الحفاظ على الدين الإسلامي ومنع انتشار الفساد بين اليمنيين..!(11)
منعوا الفن وغناء الفنانين في الأعراس، كما منعوا الحفلات النسائية في القاعات ليلاً، بحجة الحفاظ على الدين، وفرضوا غرامات على كل فنان يغني في الأعراس، الأمر الذي اضطر بعض الفنانين لمغادرة البلاد نهائيًا، فيما اضطُر فنانون آخرون إلى أعمال أخرى، غير مهنتهم.
«لا يتوقف الأمر عند الغناء والطرب، فقد تعرض كثيرٌ من الشباب لمضايقاتٍ، متعلقة بالملبس وقصة الشعر واللقاءات بين الذكور والإناث في الجامعات أو الأماكن العامة، وألزموا صالونات الحلاقة بعدم حلاقة الرؤوس للشباب على طريقة اليهود والنصارى!!؛ بحجة أن ذلك يتعارض مع الدين، وهم حراس الفضيلة وأوصياء الدين..!(12) داهموا محلات الأقمشة النسائية وصادروا الأربطة الخاصة بالبواليط، وأحرقوها في الأماكن العامة، ورددوا مع ذلك الصرخة، وسط سخرية العامة والخاصة.
داهموا العديد من المقاهي والمطاعم، بحجة منع الاختلاط بين الشباب والشابات؛ بل وأغلقوا بعضها، كذلك فعلوا مع الفنادق السياحية.
«حملات التضييق على الحريات العامة أكثر وضوحًا في الجامعات الحكومية، «وغير الحكومية»؛ حيث يعمل ممثلو جماعة الحوثي في الجامعات على ملاحقة الطلاب في الأروقة والممرات، ويمنعون جلوس الطلاب والطالبات معًا، ويفرضون رقابة مشددة على الصفحات الخاصة بالطلاب في مواقع التواصل الاجتماعي، لمنع نشر أي نصوصٍ غراميّة، يرون بأنها تنشر الفساد في الجامعة..»!(13) ذلك أن مجرد حديث الطالب مع زميلته فساد، أو إقامة أي نشاط ثقافي يُعَدُّ فسادًا..!
منعوا إقامة الفعاليات المختلطة بين الرجال والنساء، ومنها حفلات التخرج الجامعية للطلاب والطالبات، وداهموا حفلات التخرج بأسلحتهم واقتادوا بعض الطلاب والطالبات إلى المعتقلات..! اعتقلوا شابات من الشوارع، بحجة عدم لبسهن الحجاب «تغطية الوجه» وكذلك فعلوا مع شباب لأنهم يلبسون الجينز الأزرق، أو يتميزون بحلاقة شبابية خاصة.
جماعة الإرهاب الحوثية:
- قتلت أكثر من 300 ألف يمني.
- جنّدت أكثر من 30 ألف طفل.
- شردت أكثر من ثلاثة ملايين يمني.
- فجرت أكثر من ألفي منزل.
- زرعت أكثر من مليون لغم.
- أجاعت أكثر من عشرين مليون يمني.
القرار الدولي ضد الحوثي وأصداؤه.. العدالة المتأخرة
وأخيرا صحا الضمير..
في 11 يناير 2021م أعلنت الخارجية الأمريكية عبر وزير خارجيتها السابق مايك بومبيو أن وزارة الخارجية ستُخطر الكونجرس بنيته تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية أجنبية. مشيراً إلى أن الجماعة قد ارتكبت أعمالاً وحشية ضد الإنسانية في اليمن، أودت بحياة العديد من الأشخاص، واستمرت في زعزعة استقرار المنطقة، كما حرمت اليمنيين من التوصل إلى حل سلمي للصراع في بلادهم، كانت آخرها الأعمال الإرهابية في مطار عدن، والذي راح ضحيته العشرات، وأشارت في الوقت نفسه إلى مساعدة الحرس الثوري الإيراني لهم عن طريق إرسال الصّواريخ والطائرات دون طيار، وهو ما ينتهك قرار مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، رغم تحذيرات المجتمع الدولي للحوثي من ارتباطهم بإيران سلفًا، وحثهم على عدم ارتكاب جرائم وأعمال إرهابية بحق الشعب اليمني. وأعلنت عن إدراج ثلاثة من قيادة الجماعة في قائمة الإرهاب، وهم: عبدالملك الحوثي، قائد ما يسمى بالمسيرة القرآنية، ومرجعيتهم العليا، وأخوه عبدالخالق الحوثي، وعبدالله يحيى الحكيم، الملقب بأبي علي الحاكم.
وقد لاقى هذا القرار ارتياحًا واسعًا في الأوساط اليمنية؛ حيث رحبت به وزارة الخارجية اليمنية، مشيرة إلى أن ذلك سيساعدُ اليمنيين في التوصل إلى حلٍ سلمي، ولاستعادة دولتهم التي طالما حلموا بها. وأكدت أن ما قامت به هذه الجماعة من جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي من تفجير للمنازل ودور العبادة، واضطهاد الأقليات الدينية، وتهجير المعارضين والمنتقدين لممارساتهم، واعتقال وتعذيب الصحفيين والناشطين السياسيين، وحصار المُدنِ، واستهداف المدنيين عشوائيًا، وزراعة الألغام في البر والبحر، واستخدام المنشآت الصحية والتعليمية للأغراض العسكرية، وتدمير المؤسسات الاقتصادية في اليمن، وكذا استهدافها للأعيان المدنية داخل المملكة العربية السعودية الشقيقة، وارتهانهم الدائم والكبير لأجندات إيران التخريبية في المنطقة، والتي تَمثل آخرها في محاولة القتل الجماعي لأعضاء حكومة الكفاءات السياسية، وتقويض العملية السياسية في اليمن، كل هذا يثبت الطبيعة الإرهابية لهذه الجماعة وعدم جديتها بتحقيق السلام.
واعتبر وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن جرائم الحوثي ترقى لجرائم حرب، وتصنيفها جماعة إرهابية بات ضرورة، وهو أولى خطوات حل الأزمة اليمنية.(14)
ذات الشأن أيضاً مع البرلمان اليمني الذي أصدر بياناً ترحيبياً بهذا الإجراء الذي يأتي في إطار انتصار الشعب اليمني لقضيته التاريخية مع هذه الجماعة الكهنوتية الإرهابية. وأن هذا القرار سيكون له أصداؤه الإيجابية على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.
هذا قرارٌ متأخرٌ، ومتأخرٌ كثيراً، كان يجب أن يكون من قبل سنوات؛ لأن تأخير العدالة ظلم؛ إنما للاعبين الكبار وللمجتمع الدولي تقديراته الخاصة، وللشعب اليمني مع هذه الجماعة تقديراته الخاصة، وسواء أبقى المجتمع الدولي على هذه الجماعة قيد التصنيف الإرهابي أم ألغى قراره كما فعلت أمريكا بعد فوز الرئيس بايدن بالانتخابات الرئاسية، فهذا شأن يخصُّه هو، أما اليمنيون فقرارهم نهائي وحتمي ومصيري مع هذه الجماعة، فهي إرهابية من قبل ألف عام، وهي عدوة الشعب اليمني قبل أن تكون عدوة الإقليم أو المجتمع الدولي.
«والحقيقةُ فإنّ اليمنَ تواجه اليوم حرب جيلٍ جديد من أجيال الإمامة الجهادية الممتدة والمستمرة منذ أكثر من ألف عام، ولا تعرف اليمن السلام منذ وطأت أقدام الإمامة وعقيدتها الباطلة الأرض اليمنية، فالإمامةُ عقيدةُ حرب ودمار وخراب وقَتْل من يومها الأول، ومنذ عهد إمامها الأول، يحيى الرسي..
معروف أن الإمامة عبر إرثها وتفكيرها وتاريخها لا تتعاطى السّلام مع أي طرف، إلا أن يكون تسليمًا وخضوعًا للإمامة، أو مهادنةً من قبل الإمامة وقت ضعفها، وانقضاضًا ساعة ما تسنح لها أول فرصة، مثلما حدث في 2014م، وحدث عبر الحقب والقرون والأجيال. إن التعريف الحقيقي للحرب ضد الحوثيين هي في حقيقتها حرب ضد الإرهاب من اليوم الأول وحتى النهاية. وكل الدعاوى التي ساقها الحوثيون من أول حرب في 2004م هي دعاوى زائفة ومخادعة، انطلت على السذج، وروج لها الناشطون المبتدئون الطيبون، وخصوم نظام صالح، ما قبل 2011، واستغل صالح الجماعة الإرهابية ضد خصومه ما بعد 2011، حتى مقتله على أيديهم.(15)
باختصار.. الحوثيُّ إرهابيٌ، ولن يكون إلا إرهابيًا. ومحاولة تعديل سلوكه أو أنسنته من المُحال، حتى يتم نزع الألغام الفكرية المحشوة داخل دماغه. إنّ محاولة أنسنته أو تمدينه تشبه محاولة جعل الذئب حملاً وديعًا، أو جعل الأفعى عصفورًا جميلاً. وذلك من المحال.
* * *
(1) انظر: التهديد الإرهابي للأمن البحري لدولة الإمارات العربية المتحدة، بول بيرك، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ط:2011، ص: 6.
(2) انظر: موقع حفريات، على الرابط: https://hafryat.com/ar/blog/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9% 84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A-
(3) صحيفة الخليج 14 يونيو 2019م، على الرابط: https://www.alkhaleej.ae/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9
(4) انظر: عاصم السليمان صحيفة الجزيرة السعودية الخميس 19 رجب 1431 العدد 13790
(5) تستأجر إيران ثلاث جزر ارتيرية في أرخبيل دهلك، المقابل للشواطئ اليمنية.
(6) انظر: الصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر وتأثيره على الأمن القومي للجمهورية اليمنية، ثابت الأحمدي، مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، ط:1، 2020م، 243 فما بعدها.
(7) العين الأخبارية، على الرابط: https://al-ain.com/article/mines-houthi-terrorism-iranian-piracy-threaten
(8) الأرض المنسية 2، تقرير صادر عن منظمة سام للحقوق والحريات، 16.
(9) تقرير أعضاء فريق الخبراء المعني باليمن، التابع لمجلس الأمن، ص: 32.
(10) تقرير أعضاء فريق الخبراء المعني باليمن، التابع لمجلس الأمن، ص: 20.
(11) همدان العليي، تقرير خاص https://www.alaraby.co.uk/%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%82%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA-لصحيفة العربي اللندنية، على الرابط: على الرابط:
(12) اقتحم الحوثيون أحد الأعراس في محافظة البيضاء، وقاموا بالاعتداء على الفنان الشعبي ملاطف الحميدي بالضرب بأعقاب البنادق، ثم قاموا بحلق شعره الطويل الذي اشتهر به أثناء رقصاته الشعبية الشهيرة التي تعرف في اليمن بـ»البرع»، لأن إطالة الشعر بتلك الطريقة تتعارض مع تعاليم الدين، وتعتبر غزوًا ثقافيًا غربيًا حد زعمهم. (13) همدان العليي،سابق.
(14) معمر الإرياني، على الرابط: https://twitter.com/hashtag/%D8%B5%D9%88%D8%AA_%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A_%D8%AC%D9%85%. وفي السياق ذاته: يتساءل معالي وزير الأوقاف والإرشاد السابق الدكتور أحمد عطية، قائلاً: إذا لم تكن جرائم ست سنوات، وستة حروب كافية لتصنيف الحوثي جماعة إرهابية، فما هو الإرهاب إذن؟ مضيفاً: على العالم أن يشاهد ما يجري لليمن من جحيم الحوثي الذي طال كل مقومات الحياة، ودمر كل مقومات الدولة، واستهدف العقول والأرض والجوار، ولم تلتزم بميثاق.
(15) علي أحمد العمراني، على الرابط: https://www.facebook.com/ali.a.alimrani/posts/4408323035853923?__cft__[0]=AZUOTFJ2fEACQfC7-R_9JRZseLjvFJJuCR5AY3rjw5Owzu6FOu8T3yOHbwj6DbSlguCNHFFONXnYhb1OhJJqxKMtAr65grgHobVy3d6rUyPccvUEs
** **
- د. ثابت الأحمدي