الهادي التليلي
الرياض عاصمة للترفيه لم يعد حلماً ممكن التحقيق، بل هو واقع يشهد به القاصي والداني عقب الجهود الكبيرة للهيئة العامة للترفيه التي استطاعت في وقت وجيز أن تحول الرياض إلى قطب عالمي في المجال، وخاصة خلال موسم الرياض الذي وفر زخمًا ترفيهيًا أبهر العالم وتوج بمنتدى صناعة الترفيه 2019 الذي تم اعتباره الحدث الأميز عالميًا في المجال خلال سنة 2019 أي قبل أن يحتل غول كورونا العالم.
الرياض التي احتضنت خلال فترة كورونا الاختبار الأصعب والمتمثل في إنجاح قمة مجموعة العشرين تقدم لعشاق الرؤية الطليقة معرضاً ملفتاً في الفضاءات المفتوحة وسماء الرياض.
الرسم بالضوء هذه التقنية الفنية التي تحولت إلى إحدى أهم مدارس الفنون التشكيلية المعاصرة اختارتها الهيئة العامة للترفيه لتكون فعالية ترضي حاجة المتلقي البصرية لما يقدمه هذا النمط الفني من جمالية من ناحية وما يستجيب به من شروط التباعد الموصى به في البروتوكول الصحي هذا الفن الذي وشح الرياض بإكليل ضوئي مبهر حول هذه العاصمة السعيدة إلى معرض كبير تلتقي فيه حاجة الرؤية والعين الشرهة للإشباع الفني والجمالي بتدشينها فقرة نور الرياض من فعالية الرياض آرت يوم 18 مارس 2021م.
فن الرسم الضوئي الذي تتقاطع تواريخ نشأته من مؤرخ للفن لآخر يكاد يجمع حول الثنائي المؤسس إيتيان جول ماري وجورج ديمني اللذان قاما سنة 1889 بتتبع الحركة البشرية ضوئياً من خلال تقنية أطلق عليها بالسير المرضي للأمام هذه اللحظة التي كانت مرجعاً للزوجينفرانك جلبارت وليليان جلبارت موللر لاستخدام هذه التقنية لتتبع حركة العاملين في الصناعات التحويلية، ولم يتأسس الرسم بالضوء كمدرسة ونهج فني قائم الذات إلا مع مان ماري سنة 1935 بعد كتابه «كتابة الضوء»، وهو أول مرجع مختص في المجال.
هذا الفن الذي راج صداه أكثر بعد أن قدم المصور ميدلي جين في سنة 1949 والذي يعتبره الكثيرون الأب الشرعي للرسم بالإضاءة إحدى لوحاته للرسام العالمي بيكاسو الذي أبهرته التقنية حتى صارت العديد من أعماله تدخل في إطار رسومات بيكاسو الضوئية.. هذه المدرسة التي تطورت بتطور العصر وصارت متلونة مع الجانب التصنيهي الجمالي وتزاوجت مع الخواريزميات في نشأة مجال كامل في الصناعات الجمالية فصرنا نتحدث عن الضوء والصوت في تجميل المدن وصارت مساحات السواد ليلاً إطاراً للوحات وعارض دائمة في مختلف أنحاء العالم حتى أننا صرنا نشاهد لوحات ضوئية نهارية لا تتأثر بنور الشمس بل توظفه العالم المتطور كان ولا يزال سنداً لهذا الفن الذي تتطور تقنياته يوماً بعد يوم مدينة الرياض تحدت كورونا المتخارجة بفعل رسائل الطمأنينة التي بثتها اللقاحات وعودة الحياة لطبيعتها تحولت إلى معرض أثث مختلف زواياها الجميلة والتي لا تقل غيرها عنها جمالاً بمشاركة فنانين من السعودية وعدد من بلدان العالم فكانت فضاءات مركز الملك عبدالعزيز التاريخي والحديقة الرياضية بالنخيل والمدينة الرقمية وبرج المملكة ومدينة وادي حنيفة وحديقة وادي نمار وحي الطريف التاريخي وحي جاكس وقصر الثقافة بحي السفارات وقصر المصمك ومكتبة الملك فهد الوطنية وواجهة الرياض أروقة فنية قارة في سماء الرياض المفتوحة تلبية لحاجة العين للجمال والرؤية المفتوحة بعد خلق كورونا إنه الأمل بمستقبل أكثر ألقاً.
هذا المستقبل الذي اختارت هيئة الترفيه أن ترسمه بإبداعات مبدعين وكيانات لها بصمتها في المجال ومن بينهم ويلسون والحمود وكوند سوب وبرادو وماتر ويونيلو وكانو غار ويورين ودونكيشر وأميغو أند أميغو وكاناكوف وريد أي والمغيط وهولنز وستيروك وللريد وفاو والقمحاوي ومالاتك وسرنة نيو هيروس وروز حارد فير مورين ووانغ وسيتراليميروفيتش واستوديو UXU وشودو والسالم والسديري ومالتياليكس وبودر وراي وغيرهم ممن عبرت فنونهم الضوئية ومروا من الرياض الجميلة لتسجل في ذاكرتهم ويسجلون في سجل محبتها.
نور الرياض ليست فقط هذه النجمات الفنية المتلألئة في سماء الرياض بل أيضاً فقرات موازية تعطي العمق وتبني ثقافة هذا الفن ومنها ورشة عمل توثيق اللحظة التي عرضت تقنيات التصوير بالهاتف وورشة عمل سنقفونية الضوء التي قدمت مجال الصوت والاهتزاز في علاقته بالضوء وتفسير خوارزميات التوظيف كما كان لجمهور الأطفال فرصة معمل الأطفال ورسم خارطة عاطفية للحدث.
نور الرياض من الفعاليات التي لا تنتهي لسبب بسيط وهي أن الرياض المدينة الجميلة والعاصمة المشرقة نورها لا ينتهي وتعد شاهداً على الوعي الحضاري لقيادتها الرشيدة والجمال الذي يؤسس لأجيال ترى الآتي المبهر في سماء السعودية الرائعة.