إعداد - خالد حامد:
توصلت دراسة أجرتها جامعة ماكجيل الكندية إلى أن المزيد من الأموال لا يجعل بالضرورة الناس في البلدان منخفضة الدخل أكثر سعادة.
قد لا يتمتع الأشخاص في البلدان النامية بدخل مرتفع ولكنهم يمتلكون الكثير من الأشياء المادية الجميلة، ولديهم وفرة من مصدرين رئيسيين للسعادة: المزيد من التواصل مع الأسرة والطبيعة.
تقول معدة الدراسة الكاتبة سارة مينارو، في مقال نشرته بموقع Futurity.org، أن الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أفادوا أن المسؤول عن إسعادهم هو الجزء الأكبر من الوقت الذي يقضونه مع عائلاتهم وعلى اتصال بالطبيعة (العديد من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم كانوا من صيادي السمك).
وأوضح كريس بارينجتون، الأستاذ في مدرسة بيلير للبيئة في جامعة ماكجيل «عندما يكون الناس مرتاحين وآمنين وأحرار للاستمتاع بالحياة داخل مجتمع قوي، فإنهم سيكونون سعداء بغض النظر عما إذا كانوا يكسبون المزيد من المال».
توصل عدد من الدراسات الحديثة إلى استنتاج مشابه جدًا. فقد وجدت دراسة أجرتها جامعة بريتيش كولومبيا الكندية عام 2017 أن إنفاق المال لشراء وقت للفراغ، مثل الدفع للآخرين للطهي أو التنظيف من أجلك، يحسن درجة الشعور بالسعادة، ويقلل من شعورك بالتوتر ويجعلك أكثر رضا عن الحياة بشكل عام.
ووفقًا لمجلة (تايم) الأمريكية، يعتقد دان جيلبرت، أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد ومؤلف كتاب «Stumbling on Happiness» أو «التعثر في السعادة»، أن امتلاك المال له بعض الفوائد الواضحة ولكن له أيضًا بعض القيود.
يقول جيلبرت: «بمجرد تلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان، فإن المزيد من المال لا يحقق له الكثير من السعادة».
تظهر الأبحاث، وتقارير مجلة «تايم»، أن «الانتقال من ربح أقل من 20.000 دولار سنويًا إلى أكثر من 50000 دولار يجعلك أكثر احتمالا أن تكون سعيدًا بمرتين، ومع ذلك فإن المكاسب المترتبة على تجاوز 90.000 دولار لن تجعلك على الأرجح أكثر سعادة».
بعبارة أخرى، بمجرد أن يكون لديك ما يكفي من المال لدفع فواتيرك والاستمتاع بالخروج لتناول العشاء بين الحين والآخر، فإن الزيادات الإضافية في الثروة لا تتوافق بالضرورة مع سعادة أكبر أو، كما أطلقت عليها إحدى الدراسات الأكاديمية «رضاء أكبر عن الحياة».
أتذكر التحدث مع بعض أفراد الأسرة المسنين، الذين لم يعودوا معنا، في تجمع عائلي قبل بضع سنوات. أخبروني قصصًا عن نشأتهم في بيتسبرغ خلال فترة الكساد الكبير. لم يكن لديهم مال على الإطلاق لكن لم تكن لديهم فكرة عن أنهم فقراء.
كان جيرانهم تفيض مشاعرهم بالإنسانية، كانوا شخصيات لطيفة. أخبروني أنهم شعروا بالأسف تجاه أطفال اليوم الذين لديهم الكثير من الثروة المادية ولكنهم لم يعرفوا أبدًا الروابط العميقة التي كانت تربطهم بالعديد من الجيران والأصدقاء.
نعلم جميعًا أن أسعد اللحظات في حياتنا هي عند تجمع الأصدقاء والعائلة معا.
هؤلاء هم الأشخاص الذين يؤثرون على الجزء الأعمق من طبيعتنا وأرواحنا حيث تكمن السعادة الحقيقية. هؤلاء هم الأشخاص الذين يمكن أن يجعلونا نضحك لدرجة القهقهة أو الذين هم هناك لمساعدتنا عندما نكون في حالة حزن أو نحتاج إلى نصيحة أو مجرد شخص نتحدث إليه.
ومع ذلك، يقضي الكثير منا اليوم معظم ساعات استيقاظنا ليس في رعاية أصدقائنا وعائلاتنا ولكن في مطاردة النجاح والمال وامتلاك منزل أكبر.
للأسف، لا نشعر بـ»الرضا عن الحياة» الذي يتمتع به الناس في بعض أفقر البلدان على وجه الأرض كل يوم حيث إن السعادة الحقيقية التي نتخيل أنها قريبة منا هي في الواقع بعيدة عنا.
** **
توم بورسيل هو مؤلف وكاتب عمود فكاهي في صحيفة «بيتسبرغ تريبيون ريفيو» الأمريكية - عن (كوريا تايمز) الكورية