خالد بن حمد المالك
الحالة في لبنان غيرها في أي دولة أخرى؛ فواقع لبنان واللبنانيين يثير المزيد من الأسى والألم، ويجمع بين الضحك والبكاء حتى الشعور بفقدان الرؤية والتوازن حين يكون الحديث عن هذا البلد المنكوب، وبخاصة في الفترة التي تولى فيها الرئيس عون رئاسة لبنان.
* *
اللبنانيون في وضع لا يُحسدون عليه، ولا حلول تُنتظر من مسيري دفته لإخراجه من النفق المظلم، بل ولا توقعات بأنه سيكون في حال أفضل في الزمن القريب أو البعيد، فالمؤشرات والمشاهد والأحداث وكلام من يتصدرون المشهد من الحزبيين توحي بأنه يتجه إلى جهنم، كما وصفه بذلك الرئيس اللبناني ميشيل عون.
* *
حتى في الحرب الأهلية لم يشهد لبنان تآمرًا عليه، وتفريطًا بحقوق مواطنيه كما يحدث الآن في عهد الرئيس ميشيل عون؛ فالبطالة، وتفشي الأمراض، وانهيار الاقتصاد، والجوع، وغياب الحلول، هي سمات عهد هذا الرئيس الذي ارتهن لما يمليه عليه صهره باسيل، وأمين حزب الله، الذي يأخذ مواقفه بحسب مصالح إيران لا مصالح لبنان.
* *
شهور مضت منذ استقالة حكومة دياب، وحتى الآن عجز خلالها رئيس الوزراء المكلف الحريري عن تشكيل وزارة تستجيب للمقترح الفرنسي، وتكون من الاختصاصيين، ومن غير الحزبيين، ولا يكون فيها ثلث معطل، وهو ما يرفضه الرئيس عون، ورئيس التيار الوطني الحر باسيل، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
* *
نسأل اللبنانيين الشرفاء: ما هي مصلحة هؤلاء في تقزيم لبنان؟ في انهاكه اقتصاديًا؟ وفي خلق هذه الفجوة في علاقاته مع أشقائه؟ وخاصة الدول الداعمة له، فلا تجد لديهم من إجابة غير إجماعهم على أن هناك مؤامرة إيرانية على لبنان، وأن حزب الله مرر على الرئيس وحزبه برئاسة صهره أن ربط اختياره لرئاسة لبنان كان مشروطًا للسير على نهجه وسياساته التي تمليها إيران، وتصدر من طهران.
* *
وهكذا أصبح لبنان بين فكي كماشة، الضحك والبكاء، ضحك مما آل إليه الوطن اللبناني من ضياع، وبكاء على ما ينتظره من مؤامرات تنهي ما تبقى له من أمل في أن يعود ذلك البلد الجميل ببحره وجبله وسهله، وأجوائه التي لا تضاهيها أجواء أخرى في أي بلد بالمنطقة.
* *
وكل دول العالم مصدومة مما يجري في لبنان، ومصدومة أكثر على هذا التنافس بين أحزابه وقادته على تدميره لا على بنائه، وكل منهم يغني كاذباً على حرصه على مصلحة لبنان، بينما حرصهم الحقيقي إنما هو في التآمر عليه، باتجاه تحقيق مصالحهم الشخصية، والهيمنة على مصادر القرارات، والتضحية بلبنان الجريح في سبيل الارتباط بإيران.
* *
اضحكوا أيها اللبنانيون أو ابكوا على حالكم، إن كان ضحكاً أو بكاءً، فالضحك في حالة لبنان يساوي أو يعادل البكاء على هذا المشهد اللبناني الصادم، بينما رئيس لبنان وقادة الأحزاب في تآمرهم سادرون، لا تصرف صحيحًا منهم، ولا كلمة صادقة تؤخذ على محمل الجد، ولا عمل خاليًا من شوائب التآمر يجعل لبنان في غير مهب الريح لا كما هو الآن، ولا كما يخطط له ليبقى كذلك في المستقبل، بينما الشعب المغلوب على أمره يضحك بما يشبه البكاء، ويبكي بما يشبه الضحك، وكل هذا من اليأس وقلة الحيلة، والخوف من المجهول.