يعتمد الأطفال حديثو الولادة على غذائهم من المخزون الموجود في أجسامهم، وخصوصًا مخزون الكلايكوجين في الكبد؛ لأن الرضاعة لا تبدأ إلا بعد يومين أو ثلاثة من عمر الطفل.
ويخزَّن الكلايكوجين في كبد الطفل في مرحلة تكون الجنين. وترتفع نسبة الخزين إلى 100 غم/ كغم من وزن الكبد. وبعد الأسبوع الأول من عمر الطفل يهبط الخزين إلى 20 غم/ كغم من وزن الكبد نتيجة لاستعمال هذا الكلايكوجين كغذاء رئيسي للطفل في الأسبوع الأول من عمره.
تبدأ الرضاعة بعد الأيام الثلاثة الأولى، سواء عن طريق الأم أو الرضاعة الصناعية. ويجب أن تُقسم فترات الرضاعة بحيث تعطى على خمس وجبات في اليوم، تبدأ الوجبة الأولى في السادسة صباحًا، والأخيرة في العاشرة مساء. وبين كل وجبة أربع ساعات راحة.
وفي بداية حياة الطفل قد يحتاج إلى تقليل الفاصل الزمني للرضاعة؛ إذ تكون المدة ثلاث ساعات تفصل بين الوجبتين بدلاً من أربع ساعات.
وعادة ما يحتاج الطفل إلى 160 سي.سي حليب/ كغم من وزنه في اليوم الواحد.
نمو الطفل
ينمو الطفل عن طريق انقسام الخلايا، وكذلك تضخم حجم الخلايا. والبروتين والـdna هما العاملان الرئيسيان لانقسام الخلايا وتضخم حجمها. فعند زيادة الـdna مع بقاء نسبة البروتين/ dna ثابتة تكون الخلايا في حالة انقسام.
وعندما تكون نسبة البروتين/ dna عالية يحدث تضخم في حجم الخلايا. وتنشط عملية انقسام الخلايا وعمل تضخم الخلايا في السنة الأولى من حياة الطفل. وبعد السنة الأولى والتوقف عن الرضاعة تتوقف عملية انقسام الخلايا، وتزداد عملية تضخم الخلايا.
ومن جملة الخلايا التي يتم فيها النمو هي خلايا الدماغ، وتتشكل نحو 90 % من الخلايا في نهاية السنة الخامسة من عمر الطفل و100 % في السنة العاشرة. والتغذية الجيدة تؤثر تأثيرًا فعالاً في عملية نمو الخلايا؛ وبالتالي في نمو الطفل.
وقد لوحظ تأخر النمو عند الأطفال الذين يعانون سوء التغذية أو نقص التغذية.
وبما أن السنوات الخمس الأولى مهمة في عمر الطفل؛ إذ تتشكل نحو 90 % من خلايا الدماغ، فإن أي نقص في تغذية الأطفال خلال السنوات الخمس الأولى من عمره يؤدي إلى تخلف في نمو خلايا الدماغ، إضافة إلى النمو العام للطفل.
وقد وُجد أن محيط رأس الأطفال بعد السنة السابعة من عمرهم الذين أُصيبوا بسوء التغذية في بداية مراحل حياتهم، وخصوصًا في السنتين الأوليين من عمرهم، هو أقل من محيط رأس الأطفال العاديين مما يدل على تخلف نمو الدماغ لديهم. وعند قياس مستوى الذكاء iq لدى هؤلاء الأطفال وجد أنه أقل من مستوى ذكاء الأطفال ذوي التغذية الصحيحة.
وهذا يدل على أن سوء التغذية إن حدث في السنتين الأولى والثانية فسوف يؤثر تأثيرًا فعالاً في نمو خلايا الدماغ، وأن هذا النقص في التغذية يؤدي إلى التخلف بصورة دائمة لا يمكن تصحيحها؛ فلذلك وجب العناية بتغذية الأطفال تغذية جيدة خلال السنوات الخمس الأولى من عمرهم.
حاجة الطفل إلى الطاقة
تكون حاجة الطفل إلى الطاقة المتناولة عن طريق الغذاء عالية جدًّا قياسًا بوزنه؛ إذ تتراوح بين 120- 130 سعرة حرارية/ كغم من وزنه في اليوم الواحد.
وتنخفض هذه النسبة حتى تصل إلى 110 سعرات حرارية/ كغم من وزنه في اليوم الواحد في نهاية الشهر الثالث من عمره.
وقد لوحظ أن بعض الأطفال الذين يتناولون طاقة مقررة لهم قياسًا بعمرهم ووزنهم يشكون من نقص في الوزن والنمو. وهذه الحالة سببها أن هناك أطفالاً يولدون وأجسامهم تحتاج إلى طاقة عالية، وآخرين يولدون وأجسامهم تحتاج إلى طاقة قليلة. فالأطفال الذين يولدون وهم يحتاجون إلى طاقة قليلة ينمون عند القيام بتغذيتهم بما هو مقرر لأعمارهم وأوزانهم نموًّا طبيعيًّا. ولكن الأطفال الذين يولدون وهم يحتاجون إلى طاقة عالية فإنه عند القيام بتغذيتهم بما هو مقرر بالنسبة لأعمارهم وأوزانهم نجدهم يشكون من نقص التغذية وتأخر النمو. فعندما نجد طفلاً لا يزداد وزنه تدريجيًّا مع زيادة عمره، وهو يعتمد على حليب الأم في تغذيته، يجب أن نعلم أن هذا الطفل مولود من صنف الذين تحتاج أجسامهم إلى طاقة عالية، ولا تكفي الطاقة الممنوحة له من حليب الأم «في حالة عدم وجود أمراض تصيب الطفل». وفي هذه الحالة يجب أن نعطي الطفل رضاعة إضافية مع رضاعة الأم، أي بواسطة الرضاعة الصناعية، حتى تعوض النقص الحاصل لديه من الطاقة المحتاجة لنموه الطبيعي.
حاجة الطفل إلى البروتين
البروتين من المواد الضرورية لمرحلة النمو عند الأطفال. ويحتاج الطفل إلى نسبة عالية من البروتين في غذائه في الأشهر الأولى من عمره، وتقل حاجته إلى البروتين بتقدم عمر الطفل.
ويزود حليب الأم الطفل بـ6 % من الطاقة كبروتين، وبقية الطاقة تأتي من الدهون والكاربوهيدرات الموجودة في الحليب.
بمعنى أن حليب الأم يزود الطفل بالكمية الضرورية لعملية نمو الطفل في المرحلة الأولى من عمره، ولا حاجة إلى إعطائه كميات إضافية من البروتين. ويحتاج الطفل للبروتين في ثلاث عمليات، هي عملية النمو والنضوج والمحافظة على نسبة البروتين في الجسم. وأي نقص في البروتين المتناول يؤثر في هذه العمليات الحيوية للطفل.
حاجة الطفل إلى الفيتامينات
تزداد حاجة الطفل إلى بعض الفيتامينات في السنة الأولى من عمره، وخصوصًا فيتامين a وd وc؛ لذلك وجب إعطاؤه هذه الفيتامينات إما عن طريق تناوله عصير الفواكه، أو دهن كبد الحوت، أو قطرات طبية تحتوي على هذه الفيتامينات.
وتتوقف الحاجة إلى هذه الفيتامينات بعد السنة الثانية من عمره إلا في بعض المناطق غير المشمسة مثل الدول الأوروبية والاسكندنافية فيفضل الاستمرار بإعطاء فيتامين d لمنع إصابة الطفل بالكساح.
فيتامين a
يخزن الطفل هذا الفيتامين في كبده والكمية المخزونة تكفيه لمدة ستة أشهر من عمره.
ولحاجة الجسم إلى فيتامين a في عملية النمو، ولسرعة عملية النمو في السنة الأولى، وجب إعطاء الأطفال بعد الأشهر الستة الأولى من عمرهم مواد غذائية تحتوي على هذا الفيتامين، مثل عصير الفواكه أو دهن كبد الحوت أو قطرات تحتوي على فيتامين a لمنع عملية تأخر النمو لدى الأطفال.
ويحتاج الطفل إلى كمية من فيتامين a في السنة الأولى إلى السنة الثالثة بحدود 300-350 مايكروغرام/ اليوم، وفي السنة الرابعة إلى السنة السادسة يحتاج الطفل بحدود 300 مايكروغرام/ اليوم.
أما المواد الغذائية التي تكون غنية بفيتامين a فهي في كل 100 غم من المادة:
الزبد 830 مايكروغرام.
دهن كبد الحوت 18000 مايكروغرام.
البيض 140 مايكروغرام.
الحليب 40 مايكروغرام.
الجبن 320 مايكروغرام.
الجزر 2000 مايكروغرام.
الطماطم 100 مايكروغرام.
الموز 50 مايكروغرام.
البرتقال 8 مايكروغرام.
وحليب الأم يزود الطفل بـ30 مايكروغرام/ 100 سي.سي، والحليب الصناعي 30-40 مايكروغرام/ 100 سي.سي. فلذلك، ولسد هذا النقص، يجب إعطاء الطفل في السنة الأولى قطرات تحتوي على فيتامين a، أو ملعقة كوب من دهن كبد الحوت.
فيتامين d
يحتاج الأطفال إلى فيتامين d لمنع إصابتهم بالكساح. وقد أقرت منظمة الصحة الدولية حاجة الأطفال لفيتامين d بحدود 0-8 مايكروغرام/ اليوم.
وحليب الأم يحتوي على 8.0 مايكروغرام/ 100 سي.سي من الحليب، ويكون على شكل «سلفيت» يذوب في الماء مما يسهل امتصاصه من قبل أمعاء الطفل.
أما الحليب الصناعي فيحتوي على كمية قليلة من فيتامين d «أقل خمس مرات من حليب الأم».
فلذلك، وخوفًا من إصابة الطفل بالكساح، ينصح بإعطاء فيتامين d للأطفال بعد أشهر الستة الأولى من عمرهم كوقاية من هذا المرض.
وتوجد قطرات طبية تحتوي على خليط من فيتامين a وd.
وإعطاء ملعقة من دهن كبد الحوت يمنح الطفل 9 مايكروغرام من فيتامين d، إضافة إلى احتوائه على فيتامين a.
فيتامين c
يحتاج الجسم لفيتامين c لمنع الإصابة بمرض «الاسقربوط» «نزف اللثة»، والمساعدة على عملية التئام الجروح والتحام الكسور، وكوقاية من الأمراض وتكوُّن كريات الدم.
ويحتاج الطفل إلى 20 ملغم/ اليوم من فيتامين c «هـ». ويزود حليب الأم الطفل بـ8.3 مايكروغرام/ 100 سي.سي، أما الحليب الصناعي فيزود الطفل بـ105 مايكروغرام/ 100 سي.سي، فلذلك يجب على الأطفال الذين يعتمدون على التغذية الصناعية أن يتناولوا قطرات تحتوي على فيتامين c «هـ» لتعويض النقص الحاصل لديهم، أو يتم إعطاؤهم عصير برتقال.
فيتامين فولك أسيد «حمض الفوليك»
يحتاج الطفل إلى فيتامين «فولك أسيد» لصنع كريات الدم.
وتكون حاجة الجسم إلى هذا الفيتامين بالنسبة للأطفال بحدود 50-60 مايكروغرام/ اليوم في السنة الأولى من عمره.
ويحتاج الطفل إلى 100 مايكروغرام/ اليوم في السنوات الخمس من عمره. وبما أن حليب الأم يحتوي على 5 مايكروغرام/ 100 سي.سي، وحاجة الطفل إلى 50-60 مايكروغرام/ اليوم، فإن خزين فيتامين «فولك أسيد» سوف يقل تدريجيًّا مما يؤثر في عملية صنع كريات الدم عند الأطفال؛ ولذلك ينصح بإعطاء قطرات تحتوي على فيتامين «فولك أسيد» إلى الأطفال بعد سن الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل للوقاية من مرض فقر الدم.
الحديد
يحتاج جسم الطفل إلى الحديد لصنع «الهيموجلوبين»، وفي حالة نقص الحديد يصاب الطفل بفقر الدم.
وللطفل خزين من الحديد يكفيه لمدة 4-6 أشهر من عمره.
ويحتاج الطفل في السنة الأولى إلى السنة الخامسة من عمره إلى 5 - 10 ملغم/ اليوم من الحديد.
ويحتوي الحليب على كمية قليلة من الحديد؛ إذ تتراوح الكمية بين 1.0-2.0 ملغم/ 100 سي.سي؛ فلذلك وجب إعطاء الطفل بعد الأشهر الستة الأولى قطرات تحتوي على الحديد كوقاية من مرض فقر الدم.
والله الشافي.
** **
د. مازن سلمان حمود - ماجستير تغذية علاجية - جامعة لندن