د.بكري معتوق عساس
البروفيسور (زيني أوجانج) رئيس جامعة ماليزيا للتقنية، سجلت له أكثر من 20 حقوق ملكية فكرية، ونشر له أكثر من 250 ورقة علمية، وقام بتأليف 27 كتاباً، تمكن هذا الأكاديمي المتميز عبر سلسلة قرارات جريئة وحازمة ومدروسة، من نقل جامعته من مرتبتها المتدنية إلى أن تصبح سادس جامعة عالمياً في البحث العلمي. تأملت في سيرته ومسيرته، فوجدت أن ما حققه من نجاح مرجعه إلى أمرين:
أولهما: أنه فرض رؤيته على الواقع، ولم يسمح للواقع أن يتحكم في رؤيته، كانت رؤيته أن تكون جامعته رائدة في مجال البحث العلمي، ولذلك أصر على تقليل أعداد طلبة البكالوريوس لصالح الماجستير والدكتوراه.
ثانيهما: وهو الأهم، حول الجامعة من محضن (تعليمي) إلى محضن (ريادي)، والفرق بين الاثنين أن الأول يُكسِب معرفة، والثاني يُنَمي مهارة، ويخرج منتجاً من البحث العلمي يمكن أن يسوق تجارياً. استطاع هذا الإداري خلال مدة لا تزيد عن أربع سنوات من إطلاق 100 شركة للإبداع والابتكار من خلال طلاب الجامعة وتحت مظلتها، كان من نتيجته أن أصبحت جامعته في مرتبة متقدمة عالمياً في ريادة الأعمال.
هذا التوجه الريادي هو نوع من الأساليب الحديثة في التعليم العالي، يحقق الكثير من المصالح لو تم تطبيقه في جامعاتنا السعودية من أهمها:-
أولهما: تخفيف العبء على الكادر الوظيفي الحكومي، لأن هذه المبادرات الريادية تحمل معها فرصها الوظيفية، سواء لأصحابها أو لمن سيعملون معهم.
ثانيهما: فتح الباب أمام الكفاءات التي يظلمها النمط الجامعي التقليدي، هؤلاء كثيراً ما يضمرون وتضمر أحلامهم لأن المجتمع لا يحفزهم ولا يتيح لهم الفرصة. إن المنطق الريادي في التعليم العالي ييسر السبل لهؤلاء لتتحول أفكارهم المبتكرة إلى واقع يغنيهم ويغني مجتمعهم.
ثالثهما: إتاحة الفرصة لحل مشكلاتنا، والاستفادة من الفرص المتاحة، وبلا شك سيكون جزء من المشاريع الابتكارية حلاً علمياً لإشكالات بيئية واقتصادية واجتماعية. كما سيكون جزء منها استثماراً ذكياً لفرص تختص بها المملكة دون غيرها كالحج والعمرة والزيارة.
هذه الثلاثية تجعل من نمط (ريادة الأعمال) الوجهة المستقبلية للجامعات في ظل التقلبات الاقتصادية.