خالد بن حمد المالك
في وضح النهار، وسطوع الشمس، وبما لا يمكن إخفاؤه وإن حاول من حاول، يأتي قرار ميليشيا الحوثيين برفض المبادرة السعودية بوقف إطلاق النار في اليمن، والتحضير للمصالحة بين اليمنيين، وحماية الدولة من التمزق، وإنهاء الاقتتال الذي لا يستفيد منه أي أحد، للتأكيد على أن هذه المجموعة الإرهابية المجرمة لا تعرف إلا لغة الرصاص والقتل وإهدار دماء الأبرياء، وتحويل الدولة اليمنية إلى أرض محروقة، ودولة فاشلة، ومصدر ازعاج لكل من يقف ضد أطماع إيران من دول المنطقة.
* *
فالحوثيون عملاء لإيران، لا يرفضون للفرس طلباً، ولا يملكون حق إصدار قرار يخالف ما ترتضيه طهران، وهم أحد أذرعة الملالي الإيرانيين المخلصين، مثلهم مثل حزب الله في لبنان، والأحزاب العراقية المتآمرة على العراق لصالح الدولة الفارسية، لهذا فإن الموقف الحوثي من المبادرة السعودية لم يكن مفاجئًا، ولم يخالف العقيدة الحوثية التي تتناغم مع العقيدة الإيرانية في ممارسة ودعم الإرهاب، وتقويض فرص السلام والاستقرار في دول المنطقة، وخاصة في اليمن الشقيق.
* *
المفاجأة لم تكن في الرفض الحوثي للمبادرة، إذا علمنا أن من يقود الحرب، ويدرب القتلة، ويزود الحوثيين بالطائرات المسيرة، والصواريخ البالستية هم الإيرانيون، وأن من يرفض لغة الحوار والدبلوماسية ويصر على الحرب هم الإيرانيون، وما من دور للحوثيين في القبول أو عدم القبول بمبادرة السلام - كما طرحتها المبادرة السعودية - إلا ما يمليه عليهم المجرم الإيراني علي خامنئي وزبانيته في إيران، ولكن المفاجأة حين ألغت الإدارة الأمريكية التصنيف الأمريكي للحوثيين كمجموعة إرهابية، ليأتي إثر ذلك تصعيدها في أعمالها الإجرامية بما في ذلك زيادة عدد ما أصبحت تطلقه على المملكة من طائرات بدون طيار وصواريخ بالستية التي يتم تزويدها بها من إيران.
* *
كل هذا يتم، وإيران المحرك لهذه الحرب ما زالت في حالة حصار، وعقوبات، ووضع اقتصادي صعب، فماذا لو رفعت العقوبات عن إيران، وتحسن وضعها الاقتصادي، وأصبحت تملك المال لتمويل مؤامراتها، وما هو موقف أمريكا والعالم عندما يتم تمادي إيران برفع وتيرة الإرهاب في اليمن والعراق وسوريا وغيرها، وزيادة امتداد مساحتها إلى أكثر من دولة، ويصبح الوضع عندئذٍ خارج السيطرة الإقليمية والدولية، حيث لا ينفع الندم، ولا يفيد الشعور والاعتراف بسوء التقدير من قبل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والموقف الأمريكي المبكر غير المبالي لإيقاف هذا التآمر الإيراني القذر.
* *
إن على العالم بدوله الكبرى تحديدًا، وقف هذا النزيف من القتلى، والحيلولة دون تنامي مساحة الأضرار والتخريب في اليمن الشقيق، ومنع استمرار اعتداء إيران بغطاء الحوثيين على المملكة العربية السعودية، وإن السكوت على جرائم الحوثيين والإيرانيين، إنما يضع منطقتنا على فوهة بركان، وبالتالي لن يكون اقتصاد العالم في مأمن في ظل استمرار العدوان على مصادر القوة الاقتصادية العالمية في منطقتنا.
* *
المملكة قالت كلمتها، وأعلنت عن مبادرتها، والنظام الشرعي في اليمن سارع معلنًا قبوله بها، وهناك تأييد دولي واسع للمبادرة، بينما رفضت ميليشيا الحوثيين القبول بها استجابة لما أملته إيران عليها، بل زادت من وتيرة عدوانها على المملكة، وكذلك وسعت من رقعة الحرب داخل اليمن في مواجهة الجيش الوطني الذي يمثل الشرعية، فماذا بعد ذلك، هل ستستمر الحالة في اليمن كما هي الآن في ظل صمت العالم المريب، وإلى متى يُترك الوضع باليمن على ما هو عليه، دون التفكير بتداعياته الاقتصادية والأمنية والسياسية على مستوى اليمن ودول المنطقة والعالم كله؟!