د.بكري معتوق عساس
ترسو على شواطئِ نفوسِنا أطيافٌ بانورامية لشخصياتٍ وَطَنِية لامستْ بدماثتِها شغافَ قلوبِنا، فحفرتْ أسماءَها في ذاكرتِنا، لتبقى خالدةً، لا تقوى الأيامُ على مَحْوِها، وَلاَ السْنَوَات على إزالتها.
ثنائيةُ (الحُب والوفاء) كانتْ مُحرِّضاً للقلوبِ قبل الأقلامِ، لحفظِ بعضٍ من السِّيَرِ النابضةِ لهؤلاءِ الأَعلام، لتبقى مكنونةً بين الجوانح تُحرِّك سَاريةَ الحقيقةِ في واحاتِ الأدب، وتستنطقُ التاريخ الذي يشهدُ على ثبات (هؤلاء) في المشهدِ الإنسانيِّ وعُلوِّ كعبِهم في المَشهدَين الفكري والثقافي.
حاولت قدح زناد الفكر بإلقاء الضوء على بعض من تلك الشخصيات الفاعلة، رغم أنَّ في الذاكرةِ كثيراً من الأسماءِ الأخرى ما زالَ الحديثُ عنها ذا شُجون، ولكنْ لعلَّنا نبحرُ معها لاحقاً.
أقول هذا حين أدركت أن الرصيد للإنسان في هذه الحياة يكون بما يكتسبه من معرفة بأصحاب الخلق العالي والنبل والفضل الذين يبادلونك حبًّا بِحُبٍّ ووفاء بوفاء فتبقى شخصياتهم ماثلة في حياتنا، لا يخبو ضوؤها، ولا يغيب بهاؤها وسناؤها.
جميل أن نعرف مقامات «الرجال» فنقدّرها، ونستذكر صنيعهم، فنبسط القول بالثناء المستحق، والتقدير المطلوب، والعرفان الواجب، إيقاظاً لقيم الوفاء لمن أفنوا حيواتهم في خدمة مجتمعاتهم، ورفعة أوطانهم، ليصبحوا بهذا المعني «أعلاماً» في سماء الوطن، ونجوماً تستحق أن تعبر ذكراهم حجب الزمان، لتضيء للأجيال الطريق على ضوء الاحتذاء والقدوة والمثال والنموذج، ولن يكون ذلك ممكن إن لم تتحرك الأقلام لتسطّر تاريخ هذه الأعلام.
ما ذكرته ليس إلَّا غيضاً من فيوضِ عطاءِ ونقاءِ تلكم الأعلامِ، ليبقى صوتاً ناطقاً بالحقيقة يُشنِّف آذانَ الأجيالِ الحاضرةِ والمُقبلة، ويختزلُ المسافاتِ أمامَ الباحثين عن الحقيقةِ من مظانها.
قال حكيم: ليس كل من يطلق عليهم رجال هم رجال، فكلمة الطير تجمع بين الصقر والدجاجة!