عمر إبراهيم الرشيد
مثل مشهد الرئيس الأمريكي جو بايدن وهو يتعثر على سلم الطائرة الرئاسية ثلاث مرات متتالية، مثل الكثير من الرمزية والتطابق مع حالة الولايات المتحدة كدولة وهي تتعثر على سلم التاريخ.
ولعل بداية الألفية قد تشكلت معها حالة التخبط الأمريكية في السياسة الدولية، فطغت على سياستها ردود الأفعال بدءاً برد فعلها على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، فكان أن اتجهت بقواتها إلى أفغانستان لتدك بطائراتها خرائب قندهار وباقي المدن التي تهيمن عليها حكومة طالبان، ومع تعاقب السنوات التي تلت، لا هي أنهت حكم طالبان ولا ساعدت في توطيد دعائم الحكومة البديلة، وما زال هذا البلد المنكوب يعاني تبعات ذلك الغزو الأمريكي، بعدما عانى من الغزو الروسي بدءاً من عام 1979م، وبلا شك فإن تناحر التيارات السياسية الأفغانية بعد خروج الروس بسبب أطماع الحكم والنفوذ على البلد، هو ما أضعفه وجعله نهباً لأقطاب دولية كل حسب مصلحته.
لم تقف التدخلات الأمريكية في مسارات الدول عند القضية الأفغانية، فكان أن حشدت قواتها لغزو العراق ومن ثم تسليمه لقمة سائغة للمتربصين الفرس للانتقام وإطفاء شيء من الغل والحنق التاريخي على العرب، وها هي العراق تئن تحت وطأة هذا الاحتلال غير المباشر، بل هو بواسطة من رهنوا أنفسهم لخدمة الملالي حكام طهران بكل أسف، والرهان على صحوة عقلاء الشيعة العرب المتنامية مؤخراً وتعاونهم مع مكونات الشعب العراقي الأخرى لاسترداد سيادة هذا البلد العربي السليب.
أما قضية العرب الأولى فلم يقصر بالطبع الرئيس السابق ترمب في دعم (إسرائيل) المطلق وتنصيبها كصاحبة الحق، مع التسهيلات التي قدمتها له القيادات الفلسطينية بشقيها المتناحرين فتح وحماس كما قدمتها لحكومة الاحتلال، وذلك بعدم اتفاقهم ولو على الأساسيات التي تمكنهم من العمل على استعادة حقوقهم حتى حدود 1967م. أما بايدن هو الآخر فقد صرح لو لم تكن هناك (إسرائيل) لعملنا على إيجادها في المنطقة!.
باتت الصين على مسافة قصيرة جداً من تبوئها قمة العالم اقتصادياً، وبلا شك فإن الاقتصاد هو القوة والمقدمة للتفوق سياسياً وعسكرياً. ونعلم أن الدين الأمريكي الداخلي قد بلغ أكثر من 27 تريليون دولار، وأن مسألة العنصرية ضد الأمريكيين السود قد طفت على السطح من جديد لتهدد النسيج الاجتماعي ومن ثم السياسي والاقتصادي الأمريكي، فهل تزايد التخبط الأمريكي في السياسة الدولية وآخره تصريحات بايدن وتعامله مع سياسات إيران على سبيل المثال، هل هذه السياسة الدولية تغطية ومحاولة لصرف الأنظار عما يمور في الداخل الأمريكي؟!. تعثر الرئيس بايدن في سلم الطائرة مشهد يحمل الكثير من الرمزية، إلى اللقاء.