خالد بن حمد المالك
عبدالله باخشوين اسم كبير بين أسماء كُتاب القصة والرواية، ومثقف بارز، تشهد له بذلك مؤلفاته ومشاركاته المنبرية. يتميز بأنه ذو أسلوب رشيق، وعبارة أنيقة.. في كتاباته تنوع، وقد جمع بين الأصالة والمعاصرة، وكتب في كل الفنون، وظل منذ شبابه المبكر إلى أن وافاه الأجل (أمس الأول) لا يغيب قلمه عن القراء.
* * *
عاش فترة غير قصيرة من شبابه في العراق، وعمل في الصحافة هناك، وتعرف على أدبائها ومثقفيها وشعرائها ونقادها، وطوّر بذلك أدواته الكتابية والثقافية، وحاكى أبرز المثقفين، وشاركهم في كثير من الفعاليات والمناشط والحراك، ما جعله يعود إلى المملكة بثروة من المعارف بكل تخصصاتها وتنوعها.
* * *
عانى في حياته الكثير، ودفع الثمن غاليًا بسبب بعض كتاباته، لكنه ظل مسكونًا بحب الوطن، مستعدًّا للتراجع عن قناعاته متى ظهر لديه ما يبرر ذلك، دون أن يكابر أو يصرّ على الاستمرار في مواقفه عندما يتبيّن له ما يقنعه للتراجع عنها. وهكذا تكون مواقف المثقفين الحقيقيين، وصناع الكلمة الصادقة، وكل من كان لا ينشد في أفكاره وآرائه إلا الحق.
* * *
وبوفاته خسرنا كاتبًا متألقًا، قرأ لمفكري العالم، وكتب عنهم، وتأثر بهم، واستعرض ما قرأه على شكل دراسات ومقالات، وظهر لمن كان يقرأ لعبدالله باخشوين كم كان لهؤلاء تأثيرهم في قيمة ما كان يكتبه المرحوم، وكيف كان يستشهد بهذه الأسماء العالمية الكبيرة في كثير من المقالات التي كان ينشرها، وفي المؤلفات التي أصدرها، وتلك التي آثر أن يؤخر طباعتها، أو يصرف النظر عنها.
* * *
وفي الجانب الإنساني تميّز الفقيد في حياته بأنه إنسان ودود، وذو خلق، ومحب للجميع، ولا تخلو كتاباته من إشارات تقدير وثناء من حين لآخر لبعض الأسماء التي زاملها أو تعرّف عليها، فضلاً عن إشراك زوجته وأبنائه في بعض كتاباته، وأنه لهم دورهم في ولادة بعض مقالاته، وتأثره بهم في آرائه.
* * *
لقد فقدنا عبدالله باخشوين، كما فقدنا من قبل زملاء آخرين في فترات لا تتباعد أكثر من أيام، بين وفاة هذا الزميل أو ذاك. وهذه أعمارهم في الحياة، يقدرها البارئ - عز وجل -. فلهم الرحمة والمغفرة، ولفقيدنا الجديد عبدالله باخشوين الرضا والعفو والسكن في جنات النعيم، ولذويه وأسرته أحسن العزاء، والصبر والسلوان. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.