عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد
«الجزيرة» - سالم اليامي:
أصدر الأستاذ عبد الرحمن بن إبراهيم أبو حيمد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر مؤخرا كتابا بعنوان «عودة سدير..الإنسان والمكان»، الذي نشأت فكرته في إطار الجمع بين التاريخ وجغرافية المكان، والتراث والحضارة، بدءا بتاريخ المملكة العربية السعودية التي هي امتداد للدولة السعودية الأولى التي قامت عام 1139هـ على يد الإمام محمد بن سعود وبمساندة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله- ثم قيام الدولة السعودية الثانية عام 1235هـ على يد الإمام تركي بن عبدالله آل سعود -رحمه الله-، وفي عام 1319هـ أعاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله- بناء وتوحيد الدولة السعودية الثالثة، والتي امتدت من ذلك العام إلى يومنا هذا.
وتناول الكاتب جغرافية عودة سدير وموقعها من شبه الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية، وحضارتها وتراثها الذي جسد حياة أهالي العودة، ومنجزات الآباء والأجداد وأجدادهم، من مبان وزراعة وأدوات وغيرها، وأما التطور الحضاري فتمثل في ما قدمته الحكومة الرشيدة من أمن وخدمات وتعليم وصحة وغير ذلك، منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-.
وفي سياق استعراضه للبيئة السياسية والإدارية التي أحاطت ببلدة عودة سدير وأهلها وبالبلدات الأخرى، تناول الكاتب فضل الدولة السعودية في مراحلها المختلفة في كل ما نعمت وتنعم به بلادنا من أمن واستقرار وتنمية طموحة، مبينا أن تاريخ الحوادث النجدية قبل قيام الدولة السعودية كان مليئا بحوادث القتل والتشريد والنزوح وإزالة المساكن، والتعدي على حقوق الناس.
وأشار الكاتب الأستاذ عبد الرحمن بن إبراهيم أبو حيمد إلى الرياض باعتبارها عاصمة المملكة العربية السعودية وأكبر مدنها حيث بلغ عدد سكانها عام 1440هـ / 2018م حوالي 6.9 مليون نسمة يمثلون ربع سكان المملكة، فيما بلغت مساحتها المطورة حوالي 1913 كيلو متر مربع، وتقع في قلب ووسط المملكة، لافتا إلى أن آثارها تدل على أنها استوطنت قبل خمسة آلاف سنة، ويبلغ عدد محافظاتها 22 محافظة هي: الدرعية، المجمعة، الغاط، الخرج، الدوادمي، القويعية، وادي الدواسر، الأفلاج، الزلفي، شقراء، حوطة بني تميم، عفيف، السليل، ضرماء، المزاحمية، رماح، ثادق، حريملاء، الحريق، مرات، الدلم، والرين.
كما تناول محافظة المجمعة، مبينا أنها قاعدة منطقة سدير حيث عرفت بهذا الاسم منذ القدم، وهو المدون في الكتب التاريخية والجغرافية، وهو الاسم العريق الذي عرفت به المنطقة. ويحد محافظة المجمعة من الشمال محافظة الزلفي والمنطقة الشرقية ومن الجنوب محافظة ثادق ومحافظة شقراء، ومن الشرق محافظة رماح ومن الشمال الغربي محافظة الزلفي ومن الغرب محافظة الغاط، وتبلغ مساحة المحافظة حوالي 30 ألف كيلو متر مربع.
وبتركيز الكاتب على تاريخ مدينة العودة والقرية التراثية فإنها تقع على بعد حوالي 140 كيلو مترا شمال مدينة الرياض وتقع على طريق الرياض -سدير- القصيم، ويقول الأستاذ عبدالرحمن أبو حيمد: عودة سدير كإنسان ومكان ضاربة في عمق التاريخ، يشهد على صدق ذلك ما تركته من مسميات مثل القرناء، مسافر، مسافر، جماز، مدينة غيلان، وما خلفته من آثار في تلك الأماكن، والتي أهملت حتى اختفت عن الوجود، وكانت في كل مرة تهلك تقوم من جديد، كما أن إرثها التاريخي والأثري، وما دون عنها يؤكدان قدمها وعراقتها وأصالتها، ومع ما صدر عنها من مؤلفات وبحوث ودراسات، إلا أنها لا تزال تملك موروثا وواقعا ومنجزات وعطاءات تاريخية تستحق أن تسلط عليها الأضواء.
ويضيف الكاتب: كابن من أبناء هذه البلدة أفتخر وأفخر باقتران اسمي بها، فقد رأيت من واجبي أن أطلق لفكري وقلمي العنان ليساهما ولو بشيء بسيط في تخليد هذه البلدة العظيمة، ولن أستغني عن الاستعانة بما سطره من سبقني الكتابة عن العودة. وهنا يستشهد الأستاذ عبدالرحمن أبو حيمد بما قاله الدكتور عبدالعزيز الفيصل بتصرف لا يمس جوهر المعلومات، إن جماز أو العودة كما تعرف الآن مدينة قديمة، وتشغل مساحة كبيرة على ضفتي وادي سدير تمتد من الغرب إلى الشرق، وهي تشمل أحياء العودة الحالية، مدينة غيلان، جماز، القرناء، ومسافر، ويضيف لعل اسم جماز البلدة مأخوذ من جماز بن العنبر بن عمرو التميمي، وبنو العنبر سكنوا وادي الفقي بعد هزيمة مسيلمة في اليمامة، والقرناء هي أقدم الأحياء يليها في القدم جماز، وهو إطلالة وأبنية متهدمة، وأحجار متناثرة، وعلى مسافة ألف متر من جماز تقع مدينة غيلان.
وتطرق الكاتب إلى «القلبان» أو الآبار التي اشتهرت بها بلدة العودة من بين مدن وقرى منطقة سدير من ثلاث نواح، الأولى العمق حيث يصل عمق القليب إلى أكثر من ثلاثين مترا، والثانية استمرار القليب وقدرتها على الإمداد بالماء، حتى بعد انقطاع الماء من السماء لعدد من السنين، والثالثة هي طريقة طوي «رصف» حجر جدران القليب من القاع حيث الماء إلى الأعلى.
كما تناول الأستاذ عبدالرحمن أبو حيمد الحركة التجارية في بلدة عودة سدير، مبينا أنه كان يوجد فيها سبعة محلات تجارية، يمارس أهلها مهنة البيع والشراء، فيذهب كل منهم إلى الرياض، ويشتري منها المواد التي يتعامل فيها مثل القهوة والشاي، والسكر والملابس والفرش والأحذية وغيرها. مستطردا في وصف ثقافة ومعرفة أهالي العودة والمتمثلة في حفظ الأمثال والحكم والقصص وحفظ الشعر ونظمه وأخبار البطولات ورواية التاريخ، واستعمالها في مواضعها وفي أحاديثهم العامة، مستذكرا عددا من الأكاديميين الشعراء والأدباء من أبناء البلدة. ويبحر الكاتب في تفاصيل الحياة الاجتماعية في عودة سدير والعادات والتقاليد والاحتفالات التي تقام بها سنويا، وصور الآثار والقرية التراثية، وكذلك ما تتميز به من أكلات شعبية. ويشكل الكتاب مزيجا من المعلومات التاريخية القيمة التي تسير في تناغم مع التحولات التاريخية التي عاشتها بلدة عودة سدير ومحافظة المجمعة ومنطقة الرياض والمملكة العربية السعودية بجميع مناطقها ومدنها ومحافظاتها وصولا إلى عهد التنمية والرخاء والازدهار، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-.
والكاتب عبدالرحمن أبو حيمد من مواليد عودة سدير سنة 1366هـ الموافق 1947م، أكمل تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي بالمملكة، ثم ابتعثه معهد الإدارة العامة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليحصل على الماجستير في إدارة الأعمال عام 1974م من جامعة ايسترن نيومكسيكو. في محرم 1398هـ رشح وكيلا للحرس الوطني للشؤون الفنية وأمضى بها 15 عاما، ثم رشح وكيلا للحرس الوطني في المرتبة الممتازة عام 1413هـ ليمضي ثماني سنوات، وتمت إحالته إلى التقاعد بناء على طلبه عام 1422هـ، ورشحه الملك عبد الله بن عبدالعزيز -رحمه الله- لعضوية مجلس الشورى لمدة أربع سنوات.
كما شارك في عضوية مجالس إدارات لعديد من الجهات واللجان والهيئات.