من المؤشرات الفارقة المهيمنة، التي تبرهن على مثالية أي مجتمع، استطاعته على أن يواكب الزمن ومستجداته وابتكاراته، والأساليب الجديدة التي يطرحها في مسارات الاقتصاد والخدمات والبنية التحتية. ولعل هذا هو الصفة التي تتغلب على مجتمع هذا الوطن، ونهجه القيادي، وأدائه الحكومي.
وفي هذا المضمار يظهر اليوم جانب التحول الرقمي، الذي أولته المملكة ومنحته الاهتمام الخاص والمبكر، وغير المسبوق بحجمه، في ظل اهتمام خادم الحرمين الشريفين، ومتابعة سمو ولي عهده الأمين، في رغبة حثيثة لإنشاء بنية تحتية تلائم متطلبات العصر، وترفع من قدرة الاقتصاد والخدمات على الانسجام مع الأساليب الجديدة من التعاملات، والرفع من مستوى الجودة في الحياة.
إلا أن التجربة دلَّلت أن التحول الرقمي كان من الضرورة بمكان، وكذلك لتعزيز الجاهزية والرفع من القدرات والإمكانيات في مجال مواجهة الظروف القاهرة التي تطرأ، ومنها أزمة جائحة «كورونا»، التي ضربت الكرة الأرضية من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها.
ومن دون أدنى شك فإن هذه التجربة إنما تدلل أيضاً على سلامة نهج هذا الوطن، وعمق رؤية قيادته الرشيدة، التي وجهت الوطن بكل مكوناته، والمجتمع بسائر قطاعاته، قبل نحو أكثر من عقد، وتأكدت أكثر بعد انطلاق الرؤية السعودية 2030 نحو العمل على إرساء مفاهيم التحول الرقمي، عبر الخدمات الحكومية الرقمية الشاملة والكاملة، في نهج استباقي أتاح لوطننا أن يطور نموذجاً فريداً واستثنائياً في صناعة مستقبل الحكومات، وسنّ معايير جديدة لتقديم أفضل الخدمات الحكومية في العالم.
واليوم، مع تحقيق كل هذا التميز والنجاح في هذا المضمار، وما تحقق من جاهزية سعودية على مستوى عالٍ لمواجهة الظروف الطارئة، يأتي التقرير الذي أصدرته شركة دِل تكنولوجيز الأمريكية مؤخراً حول نتائج مؤشر التحول الرقمي 2020، الذي كشف أن المؤسسات في المملكة العربية السعودية متقدمة على بقية دول العالم في مجال التحول الرقمي. ووفقاً للدراسة فإن 90 % من مؤسسات السعودية تمكنت هذا العام من تسريع بعض برامجها للتحول الرقمي على الأقل، وأنجزت في بضعة أشهر ما يستغرق عادة سنوات عدة.
علاوة على تصنيف المملكة ضمن أفضل 10 دول متقدمة في العالم؛ لما تمتلكه من متانة في البنية التحتية الرقمية.
بعزيمة الفريق الواحد، والفكر القيادي الاستثنائي، والمنظومة المتكاملة والمتطورة من الاستراتيجيات الطموحة في استبدال العمليات الرقمية بالتقليدية، ينطلق وطننا في هذه المرحلة نحو كتابة استحقاقات جديدة من التفوق والإسهام الرقمي على مستوى الدول العربية والعالمية.