المملكة العربية السعودية دولة السلام منذ نشأتها، وقد قامت جهود كثيرة لإحلال السلام والأمن في العالمين العربي والإسلامي خصوصًا، وفي العالم عمومًا.
وقد تميّزت جهود المملكة بقيام العديد من الوساطات في دول كانت بينهم عداوات وحروب.
إن مبادرة السلام في اليمن التي دعت إليها المملكة العربية السعودية هي استمرار لنهج المملكة في إحلال السلام والأمن في المنطقة خصوصًا، وفي العالم عمومًا.
جاءت المبادرة لوقف إطلاق النار في جميع أرجاء اليمن، وتحت إشراف الأمم المتحدة في وقت تمرّ فيه اليمن بظروف إنسانية استثنائية بسبب تصرفات الميليشيات الحوثية.
ودلالة هذه المبادرة هي الرغبة الصادقة من المملكة بإنقاذ الشعب اليمني من المآسي التي يعيش فيها، تلك المآسي التي رفضتها تلك العصابة المدعومة من إيران.
إن هذه المبادرة ليست الوحيدة التي تقودها السعودية؛ فللمملكة رصيد كافٍ لتبني مثل تلك المبادرات، فقد سبق أن قدمت مبادرات سلام في أوضاع كان بعض أشقائنا العرب يعيشون فيها، وكان صوت البنادق هو المسيطر للمشهد، لكن رغم ما سببته الحروب لم يكن بد من الحوار والاتفاق.
اتفاق الطائف (1989 م)
ففي الشرق الأوسط يتذكر العالم مآسي المجتمع اللبناني وكيف وضعت الحرب أوزارها حين تم عقد المصالحة بين اللبنانيين في الطائف. وقد مرت على (وثيقة الوفاق الوطني) التي وضعت بين الأطراف اللبنانية المتحاربة أكثر من ثلاثة عقود، وما زالت تلك الوثيقة المعروفة بـ(اتفاق الطائف) مرجعًا يلجأ إليه اللبنانيون حين تشتد الخلافات السياسية بينهم.
إن تلك الوثيقة رغم ما تعرض له الشعب اللبناني من الميليشيات المدعومة من إيران إلا أنها ما زالت صامدة، وهي المرجع الوحيد للبنانيين في الأوضاع المؤلمة الحالية؛ وهذا دليل على متانة تلك الوثيقة، والجهود المخلصة التي بذلتها المملكة لإنهاء الحرب اللبنانية.
اتفاقية جدة (2018م)
وتستذكر الشعوب في شرق إفريقيا تلك المأساة الإنسانية التي تسببت في الحرب بين إثيوبيا وإريتريا التي اندلعت في (1998م)، واستمرت حتى (2000م)، التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء من الطرفين، فضلاً عن الضحايا العسكرية في الجانبين.
لكن بجهود المملكة تم الاتفاق بينهما، وعُقدت المصالحة بين الدولتين في جدة، وعُرفت بـ(اتفاقية جدة 2018م)، وهي اتفاقية السلام بين إثيوبيا وإريتريا برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله تعالى -.
والحديث عن جهود المملكة في إحلال السلام في العالم يطول، لكن بالعودة إلى مبادرة السلام في اليمن فإن الفرصة مواتية. نعم الشعب اليمني لديه فرصة ينبغي أن يستفيد منها، وعلى تلك الميليشيات أن تتخلى عن تبعيتها لإيران، وتجلس مع بقية مكونات الشعب اليمني، وتعدل سلوكها، وتسلك طريقًا مختلفًا عن السابق، وأن تدرك أنها إن لم تقبل هذه الفرصة فإن الشعب اليمني الأبي ومعه أشقاؤه العرب، وعلى رأسهم المملكة، سيكون لهم كلمة الفصل.