وقفت على نسخة خطية نفيسة لكتاب: (التذكرة والاعتبار والانتصار للأبرار) في سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية، تأليف تلميذه أحمد بن إبراهيم الواسطي المعروف بابن شيخ الحزاميين، تملكها الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، ونسخها الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن صعب التويجري في بريدة، في شهر ربيع سنة 1345هـ، نقلها من نسخة اتّصل سندها بنسخة بخطّ المصنّف. واختلفت عن المطبوع في موضعين، أحدهما: أنّ المؤلف ذكر في المقدمة أنه سطّر الرسالة لإخوانه تلاميذ شيخ الإسلام، وذكرهم، وقال عنهم: (اللائذين بحضرة شيخهم وشيخنا السيد الإمام) يقصد ابن تيمية، وجاءت كلمة (اللائذين) في المخطوط: (المقتدين).
والموضع الثاني: أن المطبوع ذكر أحمد بن تيمية، ولم يذكر سلسلة آباءه، بينما ذُكروا في المخطوط، قال: (أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن الخضر بن إلياس بن تيمية) ا.هـ، واسم (إلياس) لم أقف عليه في تراجم شيخ الإسلام ابن تيمية بحسب اطّلاعي، ويُضاف إلى الموضعين المذكورين فروقات يسيرة بين المطبوع والمخطوط.
جاءت نُسخة ابن صعب في مجموع ضم عدداً من الكتب بغير خطّه، يقع في (318) صفحة، [مكتبة الإفتاء 568-86، ص203-220]، ويُلحظ وجود ترقيم خاص بأوراق ابن صعب في منتصف رأس كل صفحة، من (1-18)، ويُلحظ أنّ لها بقيّة لا نجدها في المجموع؛ بدليل وجود ورقة بعد كتاب التذكرة والاعتبار بخط ابن صعب، ولا تعلق لها بما قبلها ولا بما بعدها، وهي قطعة من رسالة للشيخ عبد الله أبابطين.
ووجدت اسم ابن صعب مذكوراً في مخطوط ثانٍ [654-86 الإفتاء]، وهو رسائل وأجوبة لأئمة الدعوة، في (23) صفحة، وفُرغ منه في ربيع الآخر سنة 1345هـ، ويُلحظ فيه وجود ترقيم خاص كترقيم أوراق ابن صعب آنفة الذكر الموجودة في المخطوط [568-86]، ويبدأ الترقيم بـ(19)، ويحضر الترقيم ويغيب مُثبتاً تغيّرات طرأت على ترتيب الأوراق.
ووجدت مخطوطاً ثالثاً [656-86 إفتاء]، وهو جواب للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبابطين في (12) صفحة، نُسخ في ربيع سنة 1345هـ، ولم يُذكر اسم الناسخ، وهو ابن صعب، ويدل عليه: الخط، وعبارة كُتبت أسفل آخر صفحة؛ تدل على بداية صفحة تالية، ولم نجدها إلا في بداية أول صفحة في المخطوط 654-86 الذي ذُكر فيه أنّه بخطّ ابن صعب.
أوراق ابن صعب توجّهت من بريدة إلى الرياض، وقلّبتها أيدٍ في (دخنة)، ونقل منها الربيعي لشيخه محمد بن عبد اللطيف في المجموع الذي ضم كتاب التذكرة والاعتبار(ص35-48)، وفرغ سنة 1345هـ، ثم نسخ منها مرّةً أخرى لنفسه، وفرغ من بعضه في 23 رمضان سنة 1345هـ، [يُنظر المخطوط برقم 3422، مكتبة الملك سلمان، ص3، 16]، وأفاد الربيعي في موضع أنّه ينقل (من نسخة جاء بها في الرياض بعض الإخوان وذلك في سنة 1345هـ) [يُنظر: ص23].
ويظهر أنّ أوراق ابن صعب كانت مجتمعة، ثمّ تفرّقت، ويؤكده أنّ كتاب التذكرة والاعتبار بقي في الرياض، وتحديداً في حيّ العلماء (دخنة)، أوقفه الشيخ محمد بن عبد اللطيف، وأمّا ما يتعلق برسائل وأجوبة أئمة الدعوة فقد انضمّت إلى مثيلاتها، ويمّمت شطر منار العلم في القاهرة، وطُبعت في (مجموعة الرسائل والمسائل النجدية) الجزء الرابع سنة 1349هـ، وجاء اسم ابن صعب فيها ص541، وكان ابتداءً جمع رسائل أئمة الدعوة لطبعها بأمر من الملك عبد العزيز، وابتدأت طباعتها سنة 1344هـ، وانتهت سنة 1349هـ. [إبراهيم بن عبيد (تذكرة أولي النُّهى والعرفان) (4-273)]
لقد تحركت أقلام بعد أوراق ابن صعب، وبقيت آثارها إلى اليوم تبث حياة العلم، وأما ابن صعب فتوفي بعد مقدم أوراقه بأشهر، سنة 1346هـ بحسب ما ذكره الأستاذ صالح العُمري [(علماء آل سليم وتلامذتهم) (2-279)]، رحم الله الشيخ عبد الرحمن آل صعب التويجري رحمة واسعة.
** **
- د. عبدالله بن سعد أباحسين