سمر المقرن
البعض يعتقد أنه لن يبني نفسه إلا بهدم الآخرين، فيسعى لتدبير المكائد لإفشال أي مخطط ينفذه غيره، ويبذل قصارى جهده لوضع العراقيل لكي لا ينجح بدلا من السعي والعمل لينجح هو، متجاهلا عن حماقة وتهور وسوء ظن وقلة تدبير، إن المراهنة على فشل الآخرين ستهبه النجاح وذاك رهان خاسر! فلا قوة الآخرين ستضعف البعض الآخر، ولا سلب هذه القوة سيضيف إليهم هم قوة إضافية. على العكس من ذلك، فمساعدة الآخرين تثمر النجاح في مزارع من يساعدوهم، واستمرار الآخرين في الشمس شديدة الحرارة لن يمنح غيرهم ظلا ظليلا وجدول ماء، ومحاولة -بعضهم- لإفقاد -غيرهم- لأمانهم، لن يمنحهم الأمان، ولا سعيهم لقطع أرزاق الآخرين سيعطيهم رزقا أكبر!
وإلا لكانت نجحت إدارة الزعيم الصيني ماوتسي تونغ الذي أحدث أكبر مجاعة في الصين في تاريخ البشرية من 1958م إلى عام 1962م أدت لقتل أكثر من 15 مليون مواطن من شعبه بسبب سلسلة من الإدارات والقرارات الفاشلة، وعلى رأسها التغييرات الجذرية في اللوائح الزراعية، وسوء الإدارة الاقتصادية، ووجود أخطاء في حملة القفزة العظيمة للأمام، التي كانت تهدف إلى استخدام تعداد السكان الضخم لتطوير الدولة بشكل سريع من الاقتصاد الزراعي إلى مجتمع شيوعي حديث، من خلال عمليتي التصنيع والتنظيم الجماعي السريع، بالإضافة إلى الانقسام الصيني السوفيتي. ثم الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات.
ولكن يبقى في الذاكرة واحدًا من أسباب المجاعة الرئيسية عنما أمر الزعيم الصيني شعبه بقتل جميع أنواع طيور الدوري البنية لأنها من وجهة نظره تأكل المحاصيل، وتقلل من الإنتاج الزراعي، وللأسف قتلوا عشرات الآلاف من الطيور أو العصافير البريئة، وكانت الحكومة تمنح الجوائز وشهادات التقدير لأكثر المواطنين قتلا للعصافير، مما أدى إلى عكس المطلوب تماما وإحداث خلل رهيب في التوازن البيئي، وانتشار الجراد الذي كانت تاكله الطيور بشكل مرعب، أدى إلى فشل زراعي ومجاعة تاريخية، وانتشار أمراض وفيروسات لم تكن موجودة من قبل.
ما سبق يعلم أن الحياة لن تصفوا بالتضييق على الغير وسلب أرزاقهم، ولن يروي الإنسان ظمأ غيره، والمؤكد أن الحاسد يصاب بهزال من سمنة الآخرين، وليس العكس والسعادة والرزق الوفير وراحة البال، مصدرها التفكير المتزن السليم المبني على أساس دراسات جدوى مستفيضة وممارسة العمل الجاد، وتمني الخير للغير، والسعي لمنحه هذا الخير. وتكرار محاولات النجاح بدأب واجتهاد، وتدارك العيوب.
حتما كل ما سبق أهم خطوات الفلاح في الحياة، بعيدًا عن محاولات إفشال الآخرين أو هدمهم أو قطع أرزاقهم!