كما الأمس يتدفق الطريق بالمارة..
الريح تهبّ كما الأمس..
تشرق الشمس كما الأمس أيضاً..
الأزهار هي الأخرى تزهر كما الأمس ..
الفجر، الظهيرة، الغسق، الليل
كلّ ما اعتدناه وكل ما هو متوقع كما الأمس..
لكن وحده شقائي اليوم ..
ليس كشقائي في الأمس..
يا لهذا التنوع..
إنه يمنحني سبباً للبقاء على قيد الحياة..
غرق ليلي :
(1)
كل ليلة أخلق ليلاً داخلي ..بإلحاح متعجل أجتاز الممكن
وأصنع اليوم الذي أحلم به..
طوال الليل..أسمع أصوات أمنياتي ..وهي تتخلى عني ببطء
مثل مياه تنسكب بين شغاف قلقي الوسيم..
تزرع المسافة بين يقظتين..
وتغفو بوداعٍ فاجع..
(2)
طوال الليل .. أكتب رسائل للقدر..عن ذلك الطفل المذهول في أعماقي عاشق الماء والملكوت في تلك المرأة..
(3)
طوال الليل .. يبحث شخص عني .. وأبحث عنه ..
لكنه يذهب سريعاً .. متشبثاً باحتمال السهو والنسيان..
طوال الليل.. أغرق في عينيك.. فتهمل دموع عيني..
طريق:
أمشي في الشارع نحو عملي.. فَتلوحُ لي إشارات المرور..
ولوحات الطريق أنني أسير في الاتجاه الخاطئ.. لماذا لم يكن هذا المسير نحو منزلها..؟!
أسير وأرى الطرق بطول الأفق وأراك ملء الأفق الشاسع..
كل طريق مفتوح أو مسدود رسول يذكرني..
أنكِ ستعودين..
كل عبارة رسمها شاب على جدار تخاطب الصمت في فمي.. تقول أيها المشتاق توخ الحذر.. فكل العشاق مروا من هنا..
أدير مفاتيح الراديو.. لأسمع النسخ المزورة والسامة للنشرة..
كل موسيقى صاخبة او فاصل إعلاني او خبر هام.. يتحدث بصوتي ويذكرك بمقدار حبي لك.. ورغبتي ألا أضعف في احتياجي إليك..
كل لوحة إرشادية تقول لي:
أيها المغلوب ..سوف تذهب بعيداً ..
سوف يزدحم الطريق عندما تذهب ..
أمشي فينطبع في فراغ القدمين غبار يذكرني بلون النسيان..
كل خطوة تتساقط من أحزاني.. تحدث فراغاً أتمرن بواسطته على تأثيث الغياب بفزع مأهول..
** **
- أسعد الحسين