سلمان بن أحمد العيد
مرحباً بطلعة بشير الخير العميم، شهر رمضان، وتنزيل أنوار القرآن، وشذا نفحات الجنان، وواحة الاسترواح في صحراء العام، وراحة الأرواح بالصلاة والصيام والقيام.
أحبتي في الله: جاء رمضان، موسم الطاعات، والفوز بالدرجات، والحصول على الحسنات، والرفعة في أعلى الدرجات، والقرب من رب الأرض والسماوات.
فأهلاً بمجالسة القرآن، كلام الرحمن، لنتشبه بالملائكة بالصيام عن كل ما يفطر الإنسان، لنكون بجوار الرسول العدنان - محمد عليه الصلاة والسلام، فمرحباً بك يا رمضان، فنعم الضيف أنت يا رمضان.
رمضان الذي ينادي علينا كل عام بلسان الحال قائلاً:
أنا رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفساد
فأد حقوقه قولاً وفعلاً وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحصاد وما سقاها تأوه نادماً يوم الحصاد
إنه الشهر الذي تضاعف فيه الحسنات، وتقبل فيه الطيبات، ويعفى فيه عمل ما مضى من الذنوب والسيئات، إذا أقبل أقبلنا على الله بأيدي متوضئة طاهرة، وقلوب عامرة بذكر الله والدعوات.
ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قدوم شهر رمضان؟
عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتاكم شهر رمضان شهر بركة فيه خير يغشيكم الله فيُنزل الرحمةَ ويَحُطُّ فيه الخطايا ويستجيب فيه الدعاء ينظر الله إلى تنافسكم ويباهى بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشَّقِىّ من حُرم فيه رحمة الله عز وجل».
استعداد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فكيف كان يستعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والسلف الصالح من الأمة والذين نحن مأمورون باتباعهم بقدوم رمضان؟
لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جاء رمضان استعد لله، لا بالمأكل ولا بالمشرب، ولا بالزينة.. فقط، بل بالطاعة والعبادة والجود والسخاء، فإذا هو مع الله العبد الطائع، ومع الناس الرسول الجائع، ومع إخوانه وجيرانه: البار الجواد، حتى لقد وصفه عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل. وكان يلقاه جبريلُ في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فَلَرَسولُ الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة».
وكذلك كان صحابته يفعلون، والسلف الصالح من بعده يتصفون، وبذلك كان رمضان عندهم موسماً تتنسم فيه أرواحهم روائح الجنة، وتطير فيه أفئدة المؤمنين إلى السماوات العلى، وترتفع فيه جباه المصلين على رؤوس الطغاة الظالمين.